العدوان الصهيوني والأمريكي على إيران: انهيار النظام القانوني الدولي

في يوم الجمعة، ۱۳ يونيو/حزيران ۲۰۲۵، واجهت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عدوانًا إسرائيليًا وحشيًا على منشآتها النووية وقواعدها العسكرية ومناطقها السكنية. هذه الهجمات، التي نُفذت في إطار عمليات إرهابية، أسفرت عن استشهاد كوكبة من القادة العسكريين والأساتذة الجامعيين والمواطنين الأبرياء، بمن فيهم نساء وأطفال، واستمرت في الأيام التالية.
4 محرم 1447
خلیل شیرغلامی

في يوم الجمعة، 13 يونيو/حزيران 2025، واجهت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عدوانًا إسرائيليًا وحشيًا على منشآتها النووية وقواعدها العسكرية ومناطقها السكنية. هذه الهجمات، التي نُفذت في إطار عمليات إرهابية، أسفرت عن استشهاد كوكبة من القادة العسكريين والأساتذة الجامعيين والمواطنين الأبرياء، بمن فيهم نساء وأطفال، واستمرت في الأيام التالية.

لم يكن هذا العمل السافر والعدواني، الذي جرى تحت ذريعة "الهجوم الاستباقي"، مستغربًا من كيانٍ أراق خلال العام ونصف العام الأخير دماء ما يقارب مئة ألف مواطن فلسطيني في غزة بحصانة كاملة.

وقع هذا العدوان في وقت كانت فيه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في خضم مفاوضات دبلوماسية غير مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية لتسوية الخلافات حول برنامجها النووي، حيث كان من المقرر عقد الجولة التالية من هذه المحادثات يوم الأحد، 15 يونيو/حزيران 2025، في مسقط.

إن العدوان الإسرائيلي على سيادة إيران ووحدة أراضيها، والذي يُعد انتهاكًا سافرًا لميثاق الأمم المتحدة والقاعدة الآمرة التي تحظر اللجوء إلى القوة، قد وضع النظام القانوني الدولي ومنظومة عدم الانتشار أمام تحدٍ كبير، ودفع بمعاهدة عدم الانتشار إلى حافة الانهيار. كما انتهك هذا العدوان نظام الضمانات النووية المتعلق بسلامة المنشآت والمواد النووية.

يُعتبر الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وهي دولة عضو في معاهدة عدم الانتشار ويخضع برنامجها دائمًا للرقابة الكاملة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عملًا سافرًا وخرقًا فاضحًا لاتفاقية الحماية المادية للمواد النووية. لم يعرض هذا الهجوم حياة المواطنين الإيرانيين للخطر فحسب، بل عرّض المنطقة لتهديد خطير من خلال خلق خطر كارثي للتلوث الإشعاعي.

علاوة على ذلك، فإن هذا العدوان قد وضع قدرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق الضمانات الشاملة أمام تحديات جسيمة.

لقد تم تمهيد الطريق لهذا العمل العدواني مسبقًا. فمن ناحية، شكّل التقرير الغامض وغير النزيه لرافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ذريعة لإصدار قرار من مجلس المحافظين في 12 يونيو/حزيران. ومن ناحية أخرى، مهّد الضوء الأخضر الأمريكي لهذه الهجمات، والذي اكتمل بهجوم أمريكي مباشر على منشأة فوردو النووية، السبيل لهذا العمل الشنيع.

واستمرارًا لهذا الأداء المسيّس وغير المهني، لم يمتنع المدير العام والوكالة عن إدانة الهجوم على المنشآت النووية واغتيال العلماء الإيرانيين فحسب، بل استمرا في تأجيج التوترات بعد الهجمات الإسرائيلية والأمريكية من خلال أداء مثير للجدل وتصريحات استفزازية.

هذه الظروف تطرح سؤالًا جوهريًا في الرأي العام الإيراني: عندما لا تستطيع العضوية في معاهدة عدم الانتشار (NPT) والتعاون الواسع مع الوكالة حماية المنشآت النووية السلمية للبلاد من الهجمات العسكرية، فما هو المنطق من البقاء في معاهدة تقوم على أساس التوازن بين الحقوق والالتزامات؟

وفقًا للمادة الرابعة من معاهدة عدم الانتشار، تمتلك إيران حقًا أصيلًا في الحصول على الطاقة النووية السلمية، بما في ذلك دورة الوقود الكاملة. ومع ذلك، وفي ظاهرة غريبة في تاريخ هذه المعاهدة، استضافت إيران، التي لا تمتلك سوى 3% من المنشآت النووية في العالم، 23% من إجمالي عمليات التفتيش في تاريخ الوكالة. هذا الخلل الفاضح في التوازن بين الحقوق والالتزامات يقوض بشكل خطير مصداقية وفعالية معاهدة عدم الانتشار.

إن هجوم قوة نووية عضو في معاهدة عدم الانتشار (الولايات المتحدة) وكيان نووي غير عضو فيها (إسرائيل) على دولة عضو في المعاهدة وتتعاون بشكل كامل مع آليات الضمانات، يُعد بدعة مشؤومة وخطيرة في النظام الدولي.

تتحمل كل من الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي المسؤولية الدولية عن هذه الأعمال. يجب ليس فقط إدانتهما بأشد العبارات الممكنة، بل يجب عليهما أيضًا تحمل مسؤولية دفع التعويضات عن الأضرار التي لحقت بالأماكن والمنشآت، وكذلك عن استشهاد أكثر من 600 مواطن إيراني.

لا شك أن انهيار النظام القانوني الدولي سيكون كارثيًا على العالم بأسره، وأن الأطراف التي تسببت في هذا الانهيار بسلوكياتها الخارجة عن القانون والمدمرة ستدفع ثمن ذلك قبل غيرها.

في حين أن الكيان الإسرائيلي، بتجاوزه جميع المعايير الدولية، قد عرّض السلام والأمن الدوليين للخطر بأشد الطرق، وكانت الولايات المتحدة جزءًا من هذه الحرب العدوانية سواء بإعطاء الضوء الأخضر لهذا الكيان أو بالهجوم على منشأة فوردو النووية الإيرانية؛ فإن التناقضات في التصريحات اللاحقة للمسؤولين الأمريكيين أوضحت أيضًا أن إدارة ترامب لم تكن تسعى إلى مفاوضات صادقة وخانت الدبلوماسية.

إيران، التي لم تبدأ حربًا أو عدوانًا قط ولم تغادر طاولة المفاوضات، مارست حقها الطبيعي والمشروع في الدفاع عن النفس وفقًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وبهذا الصدد، دافعت عن نفسها بكل قوة معتمدة على قدراتها الوطنية الهائلة، ووجهت ضربات قاصمة للكيان الإسرائيلي؛ لدرجة أن هذا الكيان اضطر إلى طرح موضوع وقف إطلاق النار عبر الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى. لقد أثبتت مقاومة إيران لعدوان الكيان الإسرائيلي وردها على الهجوم الأمريكي على منشأة فوردو أنها لن تترك أي ضربة دون رد، وتجبر أعداءها على إدراك حقيقة أنها لن تركع أبدًا ولن تستسلم لأي عدو.

لقد أثبتت الجمهورية الإسلامية الإيرانية مرارًا وتكرارًا ضبط النفس في مواجهة الأعمال العدوانية للكيان الصهيوني وسلكت طريق الدبلوماسية. والآن، فإن المسار الدبلوماسي الذي يطرحه بعض المسؤولين الأمريكيين يمكن متابعته فقط إذا أظهرت الولايات المتحدة صدقها وتحملت المسؤولية أولًا وقبل كل شيء عما حدث في العدوان الذي استمر 12 يومًا على إيران. لا تزال العقيدة النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية تركز على الاستخدام السلمي للطاقة النووية ولا توجد أي نية لإنتاج أسلحة نووية. لذلك، إذا كانت الأطراف الأخرى صادقة وجادة في حديثها عن عدم امتلاك إيران للسلاح النووي، فلن تصل الدبلوماسية إلى طريق مسدود. وفي حين تدور التكهنات والنقاشات في الأوساط السياسية الأمريكية حول حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية، فإنه بغض النظر عن مدى الأضرار، لا يمكن تدمير المعرفة الوطنية المكتسبة، ويجب على الأطراف المقابلة أن تتوصل إلى هذه الواقعية بأنه لا يمكن حرمان أمة من حقوقها المشروعة بموجب الاتفاقيات الدولية بحجج واهية.

يجب على دول منطقة غرب آسيا والخليج أن تدرك أن الكيان الصهيوني، في إطار استراتيجيته لإنشاء "نظام يتمحور حول إسرائيل"، يسعى إلى إضعاف وتفتيت جميع دول المنطقة. الهدف من هذه الاستراتيجية هو تحويل المنافسين والأعداء المحتملين إلى دول ضعيفة وتابعة لا تجد خيارًا سوى قبول هيمنة هذا الكيان وتأمين مصالحه.

إن عواقب السلوك التوسعي والعدواني الإسرائيلي خطيرة ومقلقة للغاية للمنطقة بأسرها. إذا لم تدرك دول المنطقة عمق هذا التهديد ولم تتحد لمواجهته، فإنها ستدفع ثمنًا باهظًا لهذا العدوان في المستقبل.

إن الظروف الراهنة تمثل فرصة حيوية للدول الإسلامية في المنطقة لتنحية الخلافات جانبًا وإنشاء نظام أمن جماعي، قائم على القدرات والإمكانيات الذاتية للمنطقة.

خليل شيرغلامي، مساعد الشؤون البحثية والدراسات في مركز الدراسات السياسية والدولية

  "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است