في إطار اليوم الأول من منتدى طهران للحوار، الذي عُقد في مركز الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية، أجاب أمير خان متقي، وزير خارجية حكومة تصريف الأعمال الأفغانية، على أسئلة بهراميان، سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأسبق في كابول.
في البداية، رحب بهراميان بالسيد متقي وطلب منه تقديم إيضاحات حول التطورات التي شهدتها أفغانستان منذ تولي السلطة الجديدة مقاليد الحكم.
أشار أمير خان متقي إلى التحولات العميقة والجذرية التي شهدتها أفغانستان في السنوات الأخيرة، وصرح قائلاً: "بعد عقود من الصراعات والحروب الداخلية، توصلت بلادنا الآن إلى استقرار نسبي وتشهد تحولات أساسية في هيكل السلطة والسياسة الخارجية والمكانة الإقليمية". واعتبر هذه الإنجازات، التي تشكلت في سياق النظام الإقليمي الجديد، دليلاً على تجاوز أفغانستان لتحديات الماضي ودخولها مرحلة جديدة من حياتها السياسية.
وتابع متقي بشرح الإجراءات المحددة، مضيفاً: "لقد نجحنا في مكافحة تنظيم داعش وقمعه، ونأمل أن تتخلص المنطقة وأفغانستان قريباً من شر هذا التنظيم. وفي الوقت نفسه، حققنا تقدماً ملحوظاً في مكافحة المخدرات، ونتجه نحو اقتصاد جديد سيسهم في توفير الأمن للبلاد وجيرانها والمنطقة بأسرها".
وفي إشارة إلى خمسة عقود من الحروب والصراعات والتحديات الأمنية في أفغانستان، سأل بهراميان السيد متقي: "ما هي خططكم الآن للخروج من التحديات الداخلية القائمة؟"
قال وزير الخارجية الأفغاني في معرض شرحه للنهج الجديد لبلاده: "بصفتنا دولة مسلمة، وضعنا الاقتصاد التنموي حجر الزاوية في خططنا. واليوم، ومن خلال فهمنا العميق للحقائق الإقليمية والدولية، نحن مصممون على إعادة تعريف مكانتنا".
وأوضح هدف هذه الإعادة للتعريف قائلاً: "نريد تحويل أفغانستان من دولة تعصف بها الأزمات إلى ملتقى للتعاون الاقتصادي والأمني والدبلوماسي. وقد تم تحديد سياستنا الخارجية على هذا الأساس، وهي قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتعامل البنّاء مع جميع الدول". وأكد في الختام: "بناءً على هذا النهج، لن تكون أفغانستان بعد الآن ساحة للتنافس والمواجهة بين القوى، بل ستتحول إلى مفترق طرق للتفاهم وتبادل السلع والطاقة والتعاون الإقليمي متعدد الأطراف".
وفي إشارة إلى الارتباط الوثيق بين السياسات الداخلية والخارجية للدول، سأل بهراميان، السفير الإيراني السابق في كابول، أمير خان متقي: "بالنظر إلى الموارد المحدودة للغاية في أفغانستان، كيف تنوي البلاد تحقيق التنمية في مثل هذا الوضع؟"
أشار وزير الخارجية الأفغاني إلى إمكانيات التعاون الإقليمي قائلاً: "في ظل الأمن، يمكننا إقامة علاقات جيدة جداً في مجال الترانزيت مع إيران وجيراننا الآخرين؛ لأن إرساء الهدوء والأمن في أفغانستان والمنطقة سيكون بالتأكيد في مصلحة العالم بأسره".
وتابع شرحه للعقيدة الجديدة للسياسة الخارجية لبلاده مضيفاً: "أفغانستان اليوم، على عكس الماضي حيث كانت عالقة في صراع القوى العالمية والإقليمية، تخطو نحو سياسة متوازنة وواقعية وقائمة على المصالح الوطنية". ولخص أهداف هذا المسار في الختام قائلاً: "إن تعزيز الأمن الداخلي، وزيادة التنسيق مع الجيران، والتحول إلى مركز للاستقرار والتنمية، هي أهدافنا الكلية". وأضاف: "يؤكد المسؤولون السياسيون في بلادنا أنه لا يمكن القضاء على تهديدات مثل الإرهاب وتهريب المخدرات وعدم الاستقرار إلا من خلال التعاون والحوار وتعزيز البنى التحتية الأمنية والاقتصادية. كما أن الوضع الاقتصادي للبلاد يسير على طريق التحسن. ويعد تطوير العلاقات التجارية مع دول آسيا الوسطى وجنوب آسيا والجيران الآخرين من أولويات الحكومة الحالية".
وأشار وزير الخارجية الأفغاني إلى وضع الصادرات وزيادة التبادلات الاقتصادية وجذب الاستثمارات، مضيفاً: "يمكن لأفغانستان أن تصبح مركز ثقل اقتصادي في المنطقة".
الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت مضيفاً جيداً جداً للمهاجرين الأفغان
بعد ذلك، تطرق أمير خان متقي إلى القضايا الثنائية مع إيران، بما في ذلك قضية المهاجرين والموارد المائية، وأكد على أهمية التعامل الدبلوماسي، خاصة في قضية الحقوق المائية لنهر هلمند (هيرمند).
وقال في شرحه لموقف أفغانستان: "نحن أنفسنا نواجه جفافاً شديداً في المحافظات المجاورة لإيران مثل فراه ونيمروز وهلمند، ولهذا السبب لا يمكننا السماح بهدر الموارد المائية من خلال الإطلاق غير المبرر للمياه". ثم أكد هذا المسؤول الأفغاني الرفيع على النهج السلمي لبلاده وأضاف: "فيما يتعلق بالقضايا الحدودية والمائية، لا توجد أي نية للمواجهة. نحن ملتزمون بالحوار والتفاهم واحترام الاتفاقيات القائمة، وقد أعلنا حتى على أعلى المستويات عن استعدادنا لتوقيع اتفاقيات تعاون جديدة ضمن أطر قانونية واضحة".
بعد ذلك، سأل بهراميان أمير خان متقي بصراحة: "هل تلتزم حكومتكم ببنود اتفاقية هلمند؟" أكد متقي في إجابته على التزام حكومته الكامل بهذه الاتفاقية.