الدبلوماسية الفعالة في العصر الرقمي: ازدهار متزايد للمكالمات الهاتفية بين رؤساء الدول وضرورة انخراط الجمهورية الإسلامية الإيرانية

مع وجود ترامب في البيت الأبيض، نشهد تغييرات كبيرة على الساحة الدولية والإقليمية، تؤثر على الاتصالات والتفاعلات بين الحكومات.
7 شوال 1446
علی‏ بمان اقبالی زارتش

مع وجود ترامب في البيت الأبيض، نشهد تغييرات كبيرة على الساحة الدولية والإقليمية، تؤثر على الاتصالات والتفاعلات بين الحكومات.

أحد المظاهر البارزة لهذا التغيير هو الازدهار المتزايد للمكالمات الهاتفية بين رؤساء الدول؛ وهي أداة تتيح الوصول بشكل أسرع إلى وجهات نظر النظراء. هذه الظاهرة هي في الواقع انعكاس للتأثير المباشر لنمو وسرعة تقنيات العصر الرقمي على العمليات الدبلوماسية. وشاهدًا على ذلك، في الأشهر الثلاثة الأولى لرئاسة ترامب في البيت الأبيض، جرى عشرات المكالمات الهاتفية على مستوى القادة الأوروبيين والأمريكيين والآسيويين ومناطق أخرى بشأن قضايا دولية مهمة.

في مثل هذه الظروف، وبالنظر إلى هذه التطورات، فإن ضرورة قيام بلدنا بدور فاعل من خلال الرئيس بزشكيان في هذا المجال يمكن أن تسهم بشكل كبير في نجاح السياسة الخارجية بأبعادها المختلفة.

فيما يلي، سيتم الإشارة إلى أمثلة على دبلوماسية الهاتف المحمول.

أ: أزمة أوكرانيا

في عصر التحولات الجيوسياسية والتقدم التكنولوجي، تتشكل دبلوماسية جديدة قائمة على الاتصالات الهاتفية بين القادة. هذه الدبلوماسية أكثر مباشرة وسرعة وتلقائية من ذي قبل.

منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يتركز اهتمامه على إنهاء الحرب في أوكرانيا، شهدنا ازدهارًا غير مسبوق لهذه المكالمات من واشنطن إلى مختلف العواصم، بما في ذلك باريس ولندن وكييف وحتى موسكو. من أمثلة هذه الظاهرة، المحادثات اليومية تقريبًا بين إيمانويل ماكرون ونظيريه الأوكراني والأمريكي، بالإضافة إلى الاتصالات المتكررة مع كير ستارمر، رئيس وزراء بريطانيا.

بالطبع، الاتصالات المباشرة بين القادة ليست جديدة تمامًا، وربما كانت متكررة في ذروة الأزمات في الماضي. ولكن يبدو أن في هذه المرحلة، الخصائص الشخصية، وخاصة ميل دونالد ترامب إلى الاتصالات المباشرة (الذي يعود تاريخه إلى ولايته الرئاسية الأولى في الأعوام 2017-2021)، قد سرعت هذا الاتجاه.

بشكل عام، نشهد زيادة في سرعة الاتصالات، وبالتالي، تغييرًا في طبيعة العلاقات الدبلوماسية. ومع ذلك، فإن النقطة المثيرة للاهتمام هي أن المكالمتين الهاتفتين الأخيرتين لدونالد ترامب مع فلاديمير بوتين في شهري فبراير ومارس 2025، واللتين أخرجتا الرئيس الروسي، بحسب تعبير بعض الأوروبيين، من عزلته في الغرب، اتبعتا على ما يبدو مسارًا دبلوماسيًا أكثر تقليدية.

ب: الاتفاق الاقتصادي أو حرب التعريفات بين ضفتي الأطلسي

تحدث كير ستارمر، رئيس وزراء بريطانيا، ودونالد ترامب، رئيس أمريكا، هاتفيًا يوم الأحد الماضي حول اتفاق اقتصادي ثنائي، وفي جزء من هذه المحادثات، استعرض رئيس الوزراء والرئيس ترامب التقدم المحرز. في الواقع، تتشاور بريطانيا مع الولايات المتحدة بشأن اتفاقية ازدهار اقتصادي تستند إلى القوة المشتركة لالتزامات الطرفين تجاه الأمن الاقتصادي. حاليًا، السؤال المهم يتعلق بمقدار وكيفية فرض بريطانيا لتعريفات جمركية على عمالقة التكنولوجيا الأمريكية، وهو ما يشكل نوعًا من حرب التعريفات. أيضًا بين الجيران، خفف دونالد ترامب، يوم الجمعة بعد أول مكالمة هاتفية له مع رئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارني، من خطابه بشأن جاره، ولم يكن هناك أي إشارة إلى حاكم الولاية الحادية والخمسين لأمريكا، وأعلن رئيس الوزراء الكندي بدوره أن ساكن البيت الأبيض يحترم سيادة كندا اليوم.

وعد ترامب بفرض تعريفات مختلفة على الشركاء التجاريين لأمريكا، بما في ذلك كندا، في الثاني من أبريل. وقال بعد المكالمة الهاتفية: "أعتقد أن الأمور بين كندا وأمريكا ستسير على ما يرام جدًا، وكانت لدينا مكالمة بناءة للغاية، ونتفق على العديد من الأشياء". وبالطبع، بعد أن أعلن ترامب في وقت سابق من هذا الأسبوع عن تعريفة بنسبة 25% على السيارات وقطع الغيار المستوردة، اقترح كارني يوم الخميس الماضي أن بلاده ستعيد تقييم علاقاتها الاقتصادية المتبادلة مع جارتها؛ حيث بات من الواضح أن الولايات المتحدة لم تعد شريكًا موثوقًا به. وفي الوقت نفسه، وصف المكالمة الهاتفية الأخيرة مع ترامب بأنها إيجابية وودية وبناءة، وأضاف: "لقد أحرزنا تقدمًا اليوم، ولكن هذه بداية المفاوضات، وكما ذكر ترامب، تم الاتفاق على بدء مفاوضات شاملة حول علاقة اقتصادية وأمنية جديدة بعد الانتخابات الكندية في 28 أبريل".

ج: أصدقاء قدامى، أردوغان وبوتين

يتمتع هذان الزعيمان بمسيرة رئاسية متشابهة في دولتين مهمتين في محور أوراسيا، وعلى الرغم من التحديات والعقبات الكبيرة، فقد أدارا العلاقات الثنائية بشكل جيد. في الوقت الذي تعد فيه تركيا عضوًا في الناتو، ارتفعت العلاقات الاقتصادية مع روسيا بعد الصراع في أوكرانيا من 16 مليار دولار إلى 60 مليار دولار. اتفق رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، وفلاديمير بوتين، رئيس روسيا، خلال اتصال هاتفي على تسوية الأزمات الإقليمية مع بعضهما البعض. من جهة أخرى، أعلن الرئيس التركي في بيان أن التعاون بين تركيا وروسيا لحل الأزمات في المنطقة يحظى بأهمية كبيرة. كما أكد أردوغان مرة أخرى أن تركيا مستعدة لاستضافة محادثات السلام وترحب بالإجراءات القائمة على حسن النية لضمان أمن الملاحة التجارية في البحر الأسود، مما يساهم في عملية السلام. كما أن بلاده تبذل قصارى جهدها لعدم السماح بتحول البحر الأسود إلى منطقة صراع. اعتبر الرئيس التركي بعد تأسيس قوة جديدة موحدة في دمشق أن التعاون بين تركيا وروسيا مهم لضمان سلام دائم في سوريا. كما أكد أردوغان وبوتين على ضرورة ضمان وحدة وسيادة وسلامة أراضي سوريا. وتبادل الرئيسان وجهات النظر بشكل خاص حول الحوار الروسي الأمريكي للتوصل إلى حل سلمي لإنهاء الصراع في أوكرانيا واستئناف الاتفاق بشأن البحر الأسود.

د: أصدقاء جدد في موسكو وأبو ظبي

شهدت العلاقات بين روسيا والإمارات العربية المتحدة، وخاصة بعد الصراع في أوكرانيا، مسارًا صعوديًا استثنائيًا، ويقال إن أكثر من مائة مليار دولار انتقلت من روسيا إلى الإمارات، وأصبحت هذه الدولة الوجهة السياحية الأولى للروس بدلاً من القارة الخضراء. أعلن الكرملين يوم الاثنين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى مكالمة هاتفية مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بحثا خلالها التعاون في أوبك بلس والمفاوضات الروسية الأمريكية بشأن أوكرانيا. وأضاف الكرملين، دون تقديم تفاصيل إضافية، أن رئيسي البلدين قدما تقييماً إيجابياً لمستوى التعاون بين روسيا والإمارات ودعما التنسيق الوثيق في مجموعة أوبك بلس؛ ذلك أن البلدين مهمان جدا لاتفاقات أوبك بلس ويلعبان دورا حيويا في ضمان استقرار السوق. كما أعرب رئيس دولة الإمارات في هذه المكالمة عن دعمه للحوار الروسي الأمريكي بشأن النزاع في أوكرانيا ورحب بالمشاورات التي جرت يوم الاثنين في الرياض بين مجموعات الخبراء من البلدين؛ وفي الوقت نفسه، شكر الرئيس بوتين رئيس دولة الإمارات على وساطته في تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا (والتي كان آخرها في 19 مارس حيث سلم كل طرف 175 سجينًا).

علي بمان إقبالي زارج، رئيس مجموعة دراسات أوراسيا.

    "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است