تفرّد ترامب وتدابير شي جين بينغ وبوتين

يشير استقرار ترامب في البيت الأبيض إلى تغييرات أساسية في الساحة الدولية والإقليمية ونوع تفاعلات القوى الكبرى، وخاصة في المثلث الأمريكي الصيني الروسي، وقد أدى نجاح ترامب في تحقيق وقف إطلاق النار في غزة وبدء تغييرات أخرى إلى تحرك سياسي جديد في بكين وموسكو، لأن الكرملين يتابع الأولوية الحيوية المتمثلة في النجاح في حرب أوكرانيا، كما أن الزعيم الصيني، إلى جانب القضايا الاقتصادية، يضع في اعتباره الأولوية الأساسية المتمثلة في تايوان.
26 رجب 1446
رویت 57
علی‏ بمان اقبالی زارتش

يشير استقرار ترامب في البيت الأبيض إلى تغييرات أساسية في الساحة الدولية والإقليمية ونوع تفاعلات القوى الكبرى، وخاصة في المثلث الأمريكي الصيني الروسي، وقد أدى نجاح ترامب في تحقيق وقف إطلاق النار في غزة وبدء تغييرات أخرى إلى تحرك سياسي جديد في بكين وموسكو، لأن الكرملين يتابع الأولوية الحيوية المتمثلة في النجاح في حرب أوكرانيا، كما أن الزعيم الصيني، إلى جانب القضايا الاقتصادية، يضع في اعتباره الأولوية الأساسية المتمثلة في تايوان.

بعد وقت قصير من حفل تنصيب دونالد ترامب، أجرى الرئيس الصيني، شي جين بينغ، محادثات مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، أعلن خلالها زعيم بكين عن استعداده للارتقاء بالعلاقات الروسية الصينية إلى آفاق جديدة.

عززت الصين علاقاتها مع روسيا منذ بداية حرب الكرملين الشاملة على أوكرانيا، وأصبحت مصدراً رئيسياً لموسكو للسلع ذات الاستخدام المزدوج التي تعزز صناعة الدفاع الروسية. ومع ذلك، نفت بكين الاتهامات المتعلقة بدعم المجهودات العسكرية الروسية. وأضاف شي في اتصاله مع بوتين أن الصين مستعدة للوقوف إلى جانب روسيا في مواجهة الغموض الخارجي والحفاظ على استقرار ومرونة العلاقات الصينية الروسية، وكذلك تحقيق رفاهية البلدين، والعدالة والمساواة الدولية.

تجدر الإشارة إلى أن الصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لروسيا، وأن التعاون الثنائي بين بكين وموسكو يتوسع تدريجياً، وحجم التبادل التجاري المشترك بين البلدين، والذي يبلغ 220 مليار دولار، آخذ في الازدياد.

وصف الرئيس الروسي الصين في هذه المحادثة بأنها الشريك التجاري الرئيسي لروسيا، لأن التنين الأصفر هو أكبر مستهلك لموارد الطاقة الروسية، وروسيا تحتل المرتبة الأولى من حيث صادرات النفط إلى الصين. وقال بوتين أيضاً: "قبل خمس سنوات، قمنا، معكم، بتدشين خط أنابيب الغاز "سيبيريا"، واليوم، تحتل روسيا المرتبة الأولى من حيث توريد الغاز الطبيعي إلى الصين".

جرى الحديث بين الزعيمين بعد وقت قصير من تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة. ومنذ فبراير 2022، زار بوتين الصين مرتين، الأولى قبل أيام قليلة من بدء الغزو الشامل لأوكرانيا، والثانية في مايو 2024. وزار شي روسيا في مارس 2023. كما وضعت بكين نفسها كوسيط بين روسيا وأوكرانيا، وأرسلت مبعوثها، لي هوي، إلى أوروبا في عدة جولات من الدبلوماسية.

يبدو أن أكثر ما يقلق الكرملين هو تشديد العقوبات، فبعد العقوبات الأمريكية الجديدة على تجارة النفط الروسية في 10 يناير، شهدت صادرات النفط الخام الروسية عن طريق البحر أكبر انخفاض لها في الشهرين الماضيين. ووفقاً للبيانات التي تم تحليلها، أظهرت صادرات النفط الخام الروسية، خلال فترة أربعة أسابيع، مستوى أقل من ثلاثة ملايين برميل في اليوم الأسبوع الماضي. وبعد فرض العقوبات الأخيرة، حدثت اضطرابات في صادرات النفط الخام الروسية، وبدأ المشترون في البحث عن مصادر أخرى للوقود.

في الوقت نفسه، أعلنت الهند أن السفن الخاضعة للعقوبات والتي تم إبرام عقود تسليمها حتى 10 يناير، يمكنها تفريغ حمولتها في موانئها حتى 12 مارس، وهو موعد انتهاء العقوبات. وانخفضت قيمة صادرات موسكو في الأسبوع المنتهي في 19 يناير إلى 1.38 مليار دولار. توقفت صادرات النفط الخام الروسية عن طريق البحر إلى أوروبا، كما انتهى تدفق الصادرات إلى بلغاريا في نهاية عام 2023. كذلك، فقدت موسكو حوالي 500 ألف برميل يومياً من الصادرات بعد توقف الصادرات إلى بولندا وألمانيا في أوائل عام 2023.

في الوقت الحالي، تتمثل أولوية ترامب في إنهاء حرب أوكرانيا، وهي الحرب التي وصفها بأنها "حمقاء" وقال إنها ما كانت لتبدأ لو كان في البيت الأبيض. ويضيف دونالد ترامب أن بوتين يدمر روسيا، وهذه ليست طريقة لإدارة دولة. ورداً على تصريحات ترامب، انتقد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، يوم الثلاثاء الماضي، الأساليب التي أعلنها دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الجديد، لتعزيز مصالح أمريكا في العالم، ويقول إن تغيير السلطة في واشنطن لا يعني بأي حال من الأحوال تغيير مصالح أمريكا في السياسة الخارجية.

وقال سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي سُئل فيه عن أوامر ترامب الأولى وبرامجه، إن هذا يدل على الأساليب التي يخطط الرئيس ترامب وحكومته لانتهاجها لتعزيز مصالح الولايات المتحدة على الساحة الدولية. كما أشار لافروف، رداً على سؤال حول قرار ترامب بسحب أمريكا من المنظمات والمعاهدات الدولية ومزاعم الرئيس الأمريكي الجديد بشأن جرينلاند وبنما، إلى أن "المصالح تكمن في أن نكون دائماً أقوى من أي منافس". وفيما يتعلق بقناة بنما، أضاف أن روسيا تؤكد مرة أخرى التزامها بالحياد في النظام القانوني الدولي لهذه الأرض بموجب المعاهدة الموقعة بين أمريكا وبنما، وتتوقع روسيا مبادرات ملموسة من ترامب لحل النزاع الروسي الأوكراني، ويرغب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في لقاء الرئيس الأمريكي الجديد.

الآن، وبعد ثلاث سنوات من الأمر بشن الهجوم على أوكرانيا و11 عاماً من دخول القوات الروسية إلى شبه جزيرة القرم الأوكرانية، يشعر الطرفان بالتعب من هذا النزاع، فكما اعترف ترامب، فقدت روسيا وأوكرانيا مليوناً و700 ألف جندي على التوالي، لذا يبدو أن روسيا، مستفيدة من دعم بكين، ترغب في التفاوض على ضمانات أمنية لأوكرانيا، لكن أولوية الكرملين في المحادثات المقبلة مع الولايات المتحدة ستكون إنشاء هيكل أمني جديد في جميع أنحاء منطقة أوراسيا، وفي الوقت نفسه، تريد موسكو أن تلعب دوراً مهماً في نظام الأمن الأوروبي في المستقبل، لأنها تعتقد أن القوى الغربية استخدمت أوكرانيا في السنوات الأخيرة كأداة لإضعاف روسيا من خلال المساعدات العسكرية المقدمة إلى كييف.

علي بمان اقبالي زارج، خبير أول في مركز الدراسات السياسية والدولية

 "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است