مكانة إيران والشرق الأوسط في الوثيقة الاستراتيجية للجمهوريين لعام 2025

يصف العديد من الخبراء في مجال الشؤون الأمريكية السياسة الخارجية لترامب بأنها مليئة بالغموض والتعقيد. إن إلقاء نظرة على تصريحات ترامب تجاه الصين وروسيا، وخاصة فيما يتعلق بحرب أوكرانيا، يكشف عن هذا الغموض. ومع ذلك، فإن السياسة الخارجية لترامب تجاه الشرق الأوسط تبدو واضحة وشفافة تقريبًا،
22 جمادى الثانية 1446
رویت 95
سید محمد حسینی

يصف العديد من الخبراء في مجال الشؤون الأمريكية السياسة الخارجية لترامب بأنها مليئة بالغموض والتعقيد. إن إلقاء نظرة على تصريحات ترامب تجاه الصين وروسيا، وخاصة فيما يتعلق بحرب أوكرانيا، يكشف عن هذا الغموض. ومع ذلك، فإن السياسة الخارجية لترامب تجاه الشرق الأوسط تبدو واضحة وشفافة تقريبًا، وفي نطاق واسع من قضايا الشرق الأوسط، فإن نهج ترامب تجاه حرب غزة، اتفاقيات إبراهيم، وقضية إيران هو الأكثر وضوحًا وشفافية. لقد أكد عدة مرات على سياسة إدارته الأولى تجاه إيران (زيادة العقوبات) والصراع العربي الإسرائيلي (اتفاقيات إبراهيم)، ومن المثير للاهتمام أن انتقاداته لإدارة بايدن تركز أيضًا على هذين الموضوعين. من وجهة نظر ترامب، فإن حرب غزة هي نتيجة تخلي بايدن عن اتفاقيات إبراهيم، وأن تحركات إيران في المنطقة هي نتيجة لتخفيف العقوبات من قبل إدارة بايدن.

إحدى الوثائق التي توضح خارطة طريق إدارة ترامب تجاه الشرق الأوسط، وخاصة إيران، هي "الوثيقة الاستراتيجية للجمهوريين لعام 2025". تعتبر هذه الوثيقة بمثابة مانييفست حزبي للجمهوريين لعام 2025، وهي تقرير مكون من 900 صفحة تم إعداده بواسطة مؤسسة هيريتاج في عام 2022 من قبل أكثر من 900 خبير. يتناول هذا التقرير تقييم السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة في الأبعاد البيروقراطية، الاقتصادية، الاجتماعية، القانونية، والبيئية، ويقدم توصيات سياسية لمرشحي الجمهوريين للانتخابات لعام 2024، مع نقد لنهج إدارة بايدن. يطلق العديد من الخبراء في الشؤون الأمريكية على هذه الوثيقة اسم "خارطة طريق إدارة ترامب" لعام 2025.

يشير هذا المستند أيضاً إلى سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، حيث يتمحور هذا الجزء حول مكانة إيران باعتبارها "الآخر" بالنسبة لأمريكا في الشرق الأوسط. بمعنى آخر، يعتمد المستند على خلق عداء لإيران وتحديدها كعدو رئيسي لأمريكا في الشرق الأوسط؛ لصياغة سياسات أمريكا في الشرق الأوسط. ينتقد المستند السياسة الخارجية لإدارة بايدن في الشرق الأوسط، وخاصة تجاه إيران، ويقول: "إن إدارة بايدن قدمت مساعدات مالية لحلفاء أمريكا الإقليميين لاحتواء إيران، وهو ما لم يحقق مصالح أمريكا الأمنية".

وفي جزء آخر من المستند، يُشار إلى اتفاق إبراهيم باعتباره أهم مبادرة للسياسة الخارجية لإدارة ترامب. وجاء في الوثيقة: "تم تصميم اتفاق إبراهيم بهدف تحويل إيران إلى "المشكلة الرئيسية في الشرق الأوسط" وإخراج الصراع العربي الإسرائيلي من مركزية قضايا المنطقة". وبناءً على ذلك، يوصي المستند بما يلي:

  1. يجب أن تخدم مساعدات أمريكا في الشرق الأوسط مصالح أمريكا الأمنية.
  2. بدلاً من تقديم مساعدات مالية مباشرة، يجب على أمريكا أن تسعى لتعزيز ودعم القطاع الخاص والشبكة التجارية بين العرب وإسرائيل.
  3. يجب أن تُوجَّه مساعدات أمريكا لحلفائها لتعزيز "اتفاق إبراهيم".
  4. يجب قطع مساعدات أمريكا لدول مثل العراق ولبنان والجماعات الفلسطينية على الفور، طالما أنها تتعاون بشكل مباشر أو غير مباشر مع إيران.
  5. يجب أن تُستخدم مساعدات أمريكا لتغيير نمط تدخل أمريكا في الشرق الأوسط من "التواجد" إلى "النفوذ".

إنّ المضامين الواردة في هذه الوثيقة قد طرحها ترامب ومستشاروه من قبل. هذه الوثيقة، بينما تُؤكّد على التهديدات السابقة لمسؤولي الحزب الجمهوري تجاه إيران، تتضمّن هذا التحذير الاستراتيجي للمسؤولين وصناع القرار في الجمهورية الإسلامية بأنّ ترامب قد اختار استراتيجيته تجاه إيران وسينفّذها بمُجرّد دخوله البيت الأبيض. الأمر المُؤكّد هو أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يُمكنها أن تُطبّق النموذج السلوكيّ الذي اتّبعته مع إدارة بايدن على إدارة ترامب أيضاً. كان نموذج إيران تجاه إدارة بايدن هو "لا حرب ولا مُفاوضات مُباشرة". من المُتوقّع أن تدفع مُتطلّبات إيران الهيكلية نحو نموذج "الحرب والمفاوضات المُباشرة على حدّ سواء"، ولكن قبل أن يُفرض النظام الدوليّ مثل هذا النموذج على إيران بتكاليف باهظة، من الأفضل تصميم نموذج مُناسب لمُواجهة تهديدات ترامب، بحيث يُحافظ على عزّة إيران، ويُؤمّن أقصى قدر من المصالح الوطنيّة، ويُقلّل من التهديدات المُحتملة.

سید محمد حسینی، خبیر في مركز الدراسات السياسية والدولية

 "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است