یوجد تناقض بین روح الألعاب الأولمبیة وبین وجود قوات الأمن الإسرائیلیة

یتبقى أقل من شهر على بدء أولمبیاد باریس ۲۰۲۴ و الریاضیون یسعون حالیًا للحصول على آخر الحصص الأولمبیة المتاحة. قوات الأمن الفرنسیة، بالتعاون مع ۴۶ دولة، تسعى لضمان أمن المسابقات. بالإضافة إلى الإجراءات الأمنیة التی اتخذتها فرنسا، سترسل إسرائیل[۱] والولایات المتحدة أیضًا مجموعات أمنیة خاصة إلى فرنسا لضمان سلامة ریاضییهما خلال الألعاب[۲]. إسرائیل خلال أزمة غزة التی استمرت ۸ أشهر، قتلت أکثر من ۳۵ ألف شخص، نصفهم من النساء والأطفال، والآن وجودها فی تأمین أمن الأولمبیاد یثیر الدهشة. الهدف الأساسی للأولمبیة هو الحفاظ على حقوق الإنسان والسلام والحیاة دون تمییز، وحضور إسرائیل فیها یشکل تناقضًا کبیرًا.
16 محرم 1446
رویت 1803
بهنام خسروی

مقدمه

  یتبقى أقل من شهر على بدء أولمبیاد باریس 2024  و الریاضیون یسعون حالیًا للحصول على آخر الحصص الأولمبیة المتاحة. قوات الأمن الفرنسیة، بالتعاون مع 46 دولة، تسعى لضمان أمن المسابقات. بالإضافة إلى الإجراءات الأمنیة التی اتخذتها فرنسا، سترسل إسرائیل[1] والولایات المتحدة أیضًا مجموعات أمنیة خاصة إلى فرنسا لضمان سلامة ریاضییهما خلال الألعاب[2]. إسرائیل خلال أزمة غزة التی استمرت 8 أشهر، قتلت أکثر من 35 ألف شخص، نصفهم من النساء والأطفال، والآن وجودها فی تأمین أمن الأولمبیاد یثیر الدهشة. الهدف الأساسی للأولمبیة هو الحفاظ على حقوق الإنسان والسلام والحیاة دون تمییز، وحضور إسرائیل فیها یشکل تناقضًا کبیرًا.

  بناءً على هذا الموضوع، هل یمکن اعتبار وجود قوات الأمن الإسرائیلیة فی توفیر الأمن لأولمبیة 2024 أخلاقیا؟ هل یتفق حضور هذه القوات مع روح ألعاب الأولمبیة؟ هل یقلل حضور إسرائیل فی تأمین أمن الأولمبیة من قیمة هذه المسابقات؟

تُطرح کل هذه الأسئلة فی حین أن هذه القوات تقوم حالیاً بالإبادة الجماعیة فی غزة.

الألعاب الأولمبیة هی وسیلة لبناء المجتمع الأخلاقی

  منذ تأسیس ألعاب الأولمبیاد فی عام 776 قبل المیلاد[3]، تم تصمیم هذه الألعاب کفلسفة للحیاة بعیدًا عن الحروب وعلى أساس المنافسات المفیدة [4]. کان إعلان الهدنة خلال الألعاب الأولمبیة تقلیدًا أسسه ملوک الیونان القدیمة[5]. ویدل هذا التقلید على أن المجتمع الإنسانی یسعى نحو السلام والاستقرار. وفی العصر الحدیث، تم إحیاء الألعاب الأولمبیة بنفس الأهداف لحفظ حقوق الإنسان و خلق العالم ملیء بالسلام. حاول المسؤولون الألعاب الأولمبیة فی عصور مختلفة فی تقدیم الریاضة کجزء لا یتجزأ من المجتمع الحدیث والمتنوع الیوم، کرمز للسلام والإنسانیة. فی الواقع، تمکنت الألعاب الأولمبیة أن تلعب دورًا مهمًا فی تعزیز تنمیة مجتمع سلمی من خلال انتشار الریاضة وجاذبیتها العالمیة [6]. لقد کانت جهود السلطات دائمًا تهدف إلى جعل الألعاب الأولمبیة رمزًا للمدینة الفاضلة الملیئة بالسلام والإنسانیة. وهذه هی القضیة التی یحتاجها المجتمع الدولی الآن أکثر من أی وقت مضى. إن الحروب المدمرة والظلم هی الحقیقة التی یعیشها المجتمع البشری الیوم. إن القسوة وانتهاک أبسط حقوق الإنسان مثل الحق فی الحیاة، أمر شائع فی العالم، ویمکن للألعاب الأولمبیة أن تکون حافزاً لإیقاظ الضمیر الإنسانی.

 

أمن الألعاب الأولمبیة و روح الألعاب الأولمبیة

   حفظ أمن المسابقات دائمًا یُعتبر موضوعًا هامًا بالنسبة للبلد المستضیف للأولمبیاد. الجهود لإنشاء تحالف کبیر للحفاظ على سلامة الریاضیین والأشخاص الذین یحبون الجلوس بجانب بعضهم البعض بدون أی تمییز لمشاهدة المنافسة الترفیهیة، تعد أمرًا بالغ الأهمیة. فرنسا أیضًا قامت بتشکیل تحالف یضم 46 دولة بهدف الحفاظ على أمن الألعاب. تحالف یمکن تفسیره على أنه رمز لجهود المجتمع البشری لخلق عالم ملیء بالسلام والصداقة والمساواة. بناءً على التقاریر المنشورة، یلعب إسرائیل دورًا مهمًا فی تأمین أمن أولمبیاد باریس على مستویین، مباشرةً وغیر مباشرةً. على المستوى المباشر، تکون إسرائیل جزءًا من التحالف الذی شکلته فرنسا. النقطة المهمة فی هذا السیاق هی وجود تأمین غیر مباشر من قبل نظام إسرائیل لأمن أولمبیاد باریس عبر شرکة استشارات أمنیة متعددة الجنسیات. وبالتالی، فإن إمکانیة وجود شرکة ISDS وقوات أمن إسرائیل فی حفظ أمن أولمبیاد تتعارض مع روح السلام والصداقة[7].

إسرائیل والتناقض مع روح الأولمبیاد

   ان تواجد إسرائیل کواحدة من أبرز المنتهکین لحقوق الإنسان فی توفیر الأمن للألعاب الأولمبیة یعد تناقضًا بشریًا مروعًا. انتشر أخبار عن تسلیم إدارة أمن أولمبیاد باریس إلى  شرکة الأمن ISDS من قبل المسؤولین الفرنسیین. تعد شرکة ISDS إحدى شرکات الأمن الخاصة الإسرائیلیة، حیث یشغل [8]Leo Gleser منصب رئیس ومؤسس الشرکة وهو أحد الضباط السابق[9] فی الجیش الإسرائیلی[10].تقدم شرکة الأمن ISDS حلولاً شاملة ومتکاملة ومتعددة الأبعاد للدول والمنظمات غیر الحکومیة فی الأحداث الوطنیة والدولیة و خاصة فی مجالات الأمن السیبرانی وتدریب القوى البشریة وأمن المنافسات الریاضیة العالمیة. وتعتبر هذه الشرکة من أهم المقاولین الأمنیین لأولمبیاد 2024 وتم اختیارها کمقاول أمنی لأولمبیاد ریو [11]2016 وطوکیو 2020[12].  ومن ناحیة أخرى، فإن طلب فرنسا من إسرائیل[13] المشارکة فی الحفاظ على أمن الألعاب وإرسال قوات عسکریة إلى باریس ینتهک الأهداف السامیة للألعاب الأولمبیة و یجری حالیًا فی غزة فاجعة إنسانیة وإبادة جماعیة على ید نفس القوات الإسرائیلیة. ومن ناحیة أخرى، فإن التمییز الواسع النطاق الذی تمارسه إسرائیل ضد الفلسطینیین هو رمز للفصل العنصری الرهیب. إن القصف الیومی للمستشفیات والمدارس ومخیمات اللاجئین فی قطاع غزة ومنع وصول المساعدات الإنسانیة للأطفال والنساء فی غزة یمثل انتهاکًا صارخًا لحقوق الإنسان. ووجود هذه القوات فی الهیکل التنفیذی الأمنی للأولمبیاد یعنی انتهاکاً لأهدافه الإنسانیة. وفی الواقع فإن احتمال تواجد الشرکة الأمنیة ISDS وقوات الأمن الإسرائیلیة یمنح الی إسرائیل فرصة للهروب من تبعات نظام الفصل العنصری الذی فرضته ضد الفلسطینیین.

خاتمة

یجب أن یُنظم الأولمبیاد، کرمز عالمی خالٍ من الحروب، دون أی مظاهر للتمییز وعدم المساواة. یمکن وصف الألعاب الأولمبیة بأنها واحدة من أهم الجهود الإنسانیة لخلق مجتمع مثالی. بناءً على الإبادة الجماعیة التی تقوم بها القوات العسکریة والأمنیة الإسرائیلیة فی غزة، وحضور القوات الإسرائیلیة فی إدارة الشؤون الأمنیة، یمکن أن یتحول هذا الوضع إلى السخریة المریرة التی تضع أهداف الألعاب الإنسانیة على الهامش.ویعد تواجد قوات أمنیة وعسکریة إسرائیلیة فی هذه الألعاب محاولة لتطهیر وجهها بعد انتهاکات حقوق الإنسان فی قطاع غزة. لا ینبغی لحکومة فرنسا أن تمنح إسرائیل الفرصة لاستخدام ظروف الأولمبیاد لإخفاء انتهاکات حقوق الإنسان والإبادة الجماعیة فی غزة من نظر المجتمع العالمی.

 بهنام خسروی: [السکرتیر الثانی فی سفارة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة - بیروت]

 "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"


[1] https://www.espn.com/olympics/story/_/id/39831772/france-asks-46-countries-help-paris-olympics-security

[2] https://www.reuters.com/world/france-boost-olympics-security-with-foreign-military-police-support-2024-03-29/

[3] https://www.penn.museum/sites/olympics/olympicorigins.shtml

[4] https://www.penn.museum/sites/olympics/olympicorigins.shtml

[5] https://olympics.com/ioc/olympic-truce

[6] https://www.un.org/en/chronicle/article/olympic-movement-united-nations-and-pursuit-common-ideals

[7] https://israelvalley.com/2024/03/04/j-o-de-paris-les-israeliens-du-secteur-de-la-securite-en-france-budget-de-320-millions-deuros-pour-la-securite-des-j-o/

[8] https://www.thejc.com/news/world/israeli-firm-to-oversee-security-at-olympics-g3chr60l

[9] https://maki.org.il/en/?p=9100

[10] https://www.haaretz.com/2006-03-30/ty-article/jewish-cowboy/0000017f-df0d-d3ff-a7ff-ffad51f70000

[11] https://en.globes.co.il/en/article-israeli-security-co-ready-for-rio-olympics-1001142963

[12] https://isdsinternational.com/clients/

[13] https://www.leparisien.fr/jo-paris-2024/jo-paris-2024-comment-la-securite-des-athletes-disrael-se-prepare-en-secret-09-06-2024-Q7JNQXMGLJFGXAJ4LESDIU2EKE.php

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است