أبرز الآراء التحلیلیة حول الصراع الإیرانی الإسرائیلی

بعد الرد العسکری الإیرانی فی ۲۵ مارس ۲۰۲۴ على العمل الإرهابی للنظام الصهیونی، أصبح نوع التحلیلات المقدمة على مستوى وسائل الإعلام العامة فی دول المنطقة مهمًا وحاسمًا، حیث أصبح من الواضح أن أی تطور عسکری قادم فی نهج إیران والنظام الصهیونی سیُشرک الدول الإقلیمیة الأخرى بشکل مباشر وغیر مباشر.
26 شوال 1445
رویت 632
محمدجواد شریعتی

بعد الرد العسکری الإیرانی فی 25 مارس 2024 على العمل الإرهابی للنظام الصهیونی، أصبح نوع التحلیلات المقدمة على مستوى وسائل الإعلام العامة فی دول المنطقة مهمًا وحاسمًا، حیث أصبح من الواضح أن أی تطور عسکری قادم فی نهج إیران والنظام الصهیونی سیُشرک الدول الإقلیمیة الأخرى بشکل مباشر وغیر مباشر.

یمکن لهذه التحلیلات أن تشیر إلى دعایة غیر رسمیة للآراء أو المناقشات وراء الکوالیس أو وجهات نظر صانعی القرار الاستراتیجیین فی هذه البلدان. على هذا النحو، یمکن اعتبار سعة الرأی العام أو المؤسسات المؤثرة على الموضوعات الإعلامیة المحوریة فی هذه البلدان مؤشرًا على تحول السیاسات الإقلیمیة لهذه الدول أیضًا.

من ناحیة أخرى، یمکن لهذه التحلیلات أن تخلق شرعیة عامة لتغییر فی السیاسة الدفاعیة أو السیاسة الخارجیة للدول فی المنطقة، ومن ناحیة أخرى، یمکن أن تؤثر على قدرة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة على المناورة فی أی تطور عسکری قادم.

أیّ تجاهل أو إهمال لرأس المال الاستراتیجی لإیران والمفاهیم المرتبطة به مثل محور المقاومة وقوة الردع ومفهوم المقاومة ومکافحة الإبادة الجماعیة والاحتلال ومکافحة الفصل العنصری والاحتلال على مستوى الرأی العام فی المنطقة یُشکل تحدیًا للقوة الصارمة لإیران.

إنّ تعزیز الخطاب الإیرانی المهیمن فی مجال شرعنة وتمکین وعرض القدرات العسکریة یُعتبر جزءًا من قوة الردع الإیرانیة فی مجال الرأی العام فی المنطقة، عملیًا جزءًا من قوة الردع وقوة المقاومة وروایة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة.

فی الوقت نفسه، فإن أیّ تطور فی موضوع فلسطین وغزة والقضایا الجاریة فیها، خاصة بعد أحداث 7 أکتوبر، له صلة مباشرة بقوة الردع الإیرانیة، وقد أظهرت هذه القضیة على مر السنین العدید من الآثار والأدلة وأصبحت حقیقة واقعة.

على سبیل المثال، کتب آفی إیالون، الرئیس السابق للمخابرات الإسرائیلیة (الشین بیت)، قبل أحداث 13 أبریل 2024 فی مجلة فارین أفیرز[1]:

إنّ التصورات الدولیة للحرب الإسرائیلیة مهمة. على عکس المعارک السابقة، فإنّ مدى إشارة الإنترنت الیوم أهم من مدى الصواریخ. بالنسبة للعدید من المشاهدین فی المنزل، أصبحت الحرب أشبه بمسلسل تلفزیونی قصیر. یحکم الناس فی جمیع أنحاء العالم على الصواب والخطأ لیس بناءً على القوانین القانونیة، ولکن من خلال وسائل الإعلام الخاصة بهم. یقرر الناس من هو على حق ومن هو على خطأ، وأی طرف هو جید وأی طرف سیئ، ویضغطون على حکوماتهم لوضع سیاساتهم بناءً على ذلک. إنّ تأثیر الرأی العام العالمی على آفاق النصر الإسرائیلی أمر بالغ الأهمیة. إذا لم یقدم شرکاء إسرائیل الدعم العسکری أو الاقتصادی أو الدبلوماسی فی لحظة حاسمة، فقد یخسرون الحرب على الرغم من نجاحات ساحة المعرکة.

على هذا الأساس، من خلال مراجعة وسائل الإعلام المکتوبة فی دول ترکیا، یمکن ملاحظة بعض أهمّ الموضوعات الجاریة على مستوى وسائل الإعلام الرسمیة والخاصة فی المنطقة، والتی قد تعکس السیاسة الرسمیة وغیر الرسمیة فی هذه الدول.

هناک أدلة مادیة تدعم کلّ من التقاریر الإعلامیة والتحلیلات المقدمة:

  1. یعتقد بعض النخب السعودیین، کما فی الماضی ووفقًا للنهج التقلیدی (بدوافع رسمیة محتملة)، أن إیران تسعى من خلال ردها العملیاتی فی 13 أبریل إلى جر المنطقة بأکملها إلى صراع، وفی هذا السیاق یشککون فی مستقبل الاتفاق السیاسی بین طهران والریاض والمصالحة التی تم التوصل إلیها.
  2. خط تحلیلی آخر هو أن تلعب الأردن، بتدخل من السعودیة والولایات المتحدة، دورًا أکثر فاعلیة فی عملیة التطبیع فی المنطقة مع إسرائیل.
  3. ظهر نوع من التآزر والخط الفکری والتحلیلی الموحد فی جمیع وسائل الإعلام فی المنطقة للمساعدة فی عملیة إضعاف محور المقاومة والقوى الداعمة للمحور فی جمیع الدول النشطة: لبنان وسوریا والعراق والیمن. (رأی طرحه بول سالم رئیس معهد الشرق الأوسط فی واشنطن).
  4. أظهرت السیطرة على هجمات إیران أن إسرائیل وحلفاءها لدیهم خطة دفاعیة محددة مسبقًا. لم تنجح إسرائیل بمفردها بشکل خاص. أظهرت هذه التجربة أن إسرائیل بحاجة إلى الاستثمار بشکل أکبر فی تعزیز العلاقات الخارجیة فی المنطقة وخارجها. یتطلب ذلک اتباع سیاسات أکثر اعتدالًا وداعمة للسلام بشأن القضیة الفلسطینیة. (نظریة نمرود غارین فی معهد الشرق الأوسط فی واشنطن).
  5. أظهر النجاح الجماعی فی التصدی للهجمات الإیرانیة أنه حتى فی أوقات الخلاف، لا تزال المصالح الإقلیمیة والجیو-سیاسیة المشترکة مهمة. یرسل التحالف غیر المعلن مع الولایات المتحدة وبعض الدول العربیة رسالة قویة إلى إیران وغیرها فی الشرق الأوسط. أصبحت الأهمیة الاستراتیجیة لاتفاقیات السلام واضحة للغایة بالنسبة للإسرائیلیین.
  6. لوحظ فی صحف دول المنطقة الترویج لعدم کفاءة وفعالیة وضعف التکنولوجیا وضعف الشکل والعملیة للرد الإیرانی وإضعاف موقف إیران فی الردع العسکری بهدف منع المزید من التأیید الشعبی للمقاربة الإیرانیة للمقاومة.
  7. قدم فارین أفرز أهم خط تحلیلی بقلم باحثین من تشاتهام هاوس وجامعة کالیفورنیا. جاء فی المقال: "قررت الدول العربیة أن التقارب هو أفضل طریقة لتقلیل مخاطر إیران، وإذا استمر تصاعد التوتر بین إیران وإسرائیل، فإن دول الخلیج العربی ومصر والأردن ستکون على الأرجح أکثر میلاً لدعم العملیات الإسرائیلیة."
  8. العامل الوحید الذی یمکن أن یساعد الکیان الصهیونی فی قضیة فلسطین ومأزقه الاستراتیجی فی مواجهة إیران هو سیناریو یتم فیه إنشاء دولة فلسطینیة إلى جانب إسرائیل. قد تکون العثور على إنجازات عسکریة فی صراع ما مرضیة، ولکن فی المنظور العام، قد یُنظر إلى أجزاء من مصغرة على أنها هزیمة أساسیة. وبالتالی، فإن فرض الهزیمة النفسیة والعقلیة یجب أن یمضی فقط من خلال إنشاء آلیة تهدف إلى حصر وعزل إیران فی ذهن حکام وشعوب المنطقة.

بشکل عام، تجدر الإشارة إلى أنه فی التطورات الأخیرة، کانت هناک وجهات نظر معارضة وسلبیة مختلفة تتطلب المراقبة والتحقق من صحتها. یمکن أن یمنع عدم الاهتمام بآراء مراکز الفکر ووسائل الإعلام الرئیسیة من اتخاذ سیاسات فعالة بشأن القضایا الإقلیمیة. إن إنتاج روایات فعالة وخطاب مسیطر على مستوى المنطقة هو بحد ذاته عنصر من عناصر غلبة خطاب المقاومة وجزء من عامل الردع الفعال. تمکن النظام الصهیونی، بسبب نفوذه وبناه التحتیة لخلق الخطاب فی الولایات المتحدة، من منع أی سیاسة ضد مصالحه فی حکومة الولایات المتحدة، وبالتالی إقناع الآخرین بأن عدوی هو عدوک. توفر هذه الفرصة، فی ضوء التطورات الأخیرة، فرصة لتعزیز هذه السیاسة فی المنطقة وبین دول غرب آسیا بمساعدة التیارات الداعمة للصهیونیة فی المنطقة.

محمدجواد شریعتی، خبیر بارز فی دراسات السیاسة الخارجیة الأمریکیة

 "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"


[1]   The only way for Israel to Truly Defeat Hamas, Ami Ayalon, April 11,2024, Foreign Affairs

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است