ما هو الحدث الذی تنتظره المنطقة للانفجار؟

تؤمن ثیدا سکوتشبول بتفسیر أسباب الثورات فی العالم، فعمق الأزمات وعدد الأزمات لا یؤدی بالضرورة إلى الثورة. تعانی بعض الدول من أزمات عمیقة، لکن حتى الآن لم تحدث ثورة فی تلک الدول، وعلى الجانب الآخر کانت هناک دول کانت تواجه أزمات عادیة وسطحیة؛ لکن الأزمات السطحیة والمسیطر علیها ظاهریا أدت إلى ثورة عظیمة فی تلک البلدان. وفی الرد على هذه المعادلة، یعتقد سکوتشبول؛ إن ما یسبب الثورة هو أولا بنیة الأزمات وترتیبها بالنسبة لبعضها البعض، وثانیا، وقوع حدث یمکن أن یربط الأزمات ببعضها مثل السلسلة ویبدأ فیضان کبیر مثل ربط الأنهار الصغیرة ببعضها البعض.
12 رجب 1445
رویت 1120
سید محمد حسینی

 تؤمن ثیدا سکوتشبول بتفسیر أسباب الثورات فی العالم، فعمق الأزمات وعدد الأزمات لا یؤدی بالضرورة إلى الثورة.  تعانی بعض الدول من أزمات عمیقة، لکن حتى الآن لم تحدث ثورة فی تلک الدول، وعلى الجانب الآخر کانت هناک دول کانت تواجه أزمات عادیة وسطحیة؛ لکن الأزمات السطحیة والمسیطر علیها ظاهریا أدت إلى ثورة عظیمة فی تلک البلدان. وفی الرد على هذه المعادلة، یعتقد سکوتشبول؛  إن ما یسبب الثورة هو أولا بنیة الأزمات وترتیبها بالنسبة لبعضها البعض، وثانیا، وقوع حدث یمکن أن یربط الأزمات ببعضها مثل السلسلة ویبدأ فیضان کبیر مثل ربط الأنهار الصغیرة ببعضها البعض.

یمکن أن تمتد نظریة ثورات سکوتشبول إلى حدوث حروب عالمیة وإقلیمیة کبرى.  تظهر نظرة على الأحداث التی أدت إلى الحرب العالمیة الأولى والثانیة أن هیکل الأحداث وترتیبها کانا أکثر "تآزراً" وحدث مثل اغتیال ولی عهد النمسا فی الحرب العالمیة الأولى أو الهجوم الألمانی على بولندا عام 1939 تسبب فی ربط الأزمات ببعضها البعض وانتشار الحرب العالمیة.

والآن دعونا نلقی نظرة على حالة العالم الیوم.  هل الأزمات المتقطعة الحالیة فی غرب آسیا وأوروبا مصممة لخلق حرب عالمیة ثالثة أم حرب شاملة فی المنطقة؟ هل یمکن للأزمات المتراکمة والنشیطة الحالیة فی غرب آسیا أن تتسبب فی حرب واسعة النطاق فی المنطقة؟  أی حدث یمکن أن یکون شرارة حرب واسعة ومباشرة بین إیران والکیان الصهیونی؟

وعلى المستوى العالمی فإن ما یمکن أن یربط أزمات غرب آسیا بالأزمة العالمیة هو الحرب فی أوکرانیا.  إن تطورات الحرب فی أوکرانیا ونهج روسیا وأوروبا فی المائة یوم الماضیة کانت على درجة أن الأزمة فی أوکرانیا لا تتزامن مع الأزمة فی الشرق الأوسط. خلال الأیام الأولى من حرب إسرائیل على غزة، حاول الرئیس الأمیرکی بایدن الربط بین‌هاتین الأزمتین.  ولکن کلاً من الروس والأوروبیین کانوا ضد ذلک. ولذلک فإن التصرفات الخطابیة (المواقف التصریحیة) والإجراءات العملیة لروسیا وأوکرانیا وأوروبا ذهبت فی اتجاه خلق منطقة عازلة بین أزمة الشرق الأوسط والأزمة الأوکرانیة.

کما اتفقت الحکومة الأمیرکیة مع الأوروبیین والروس فی هذا الصدد.  وکان النظام الصهیونی أیضًا ضد ربط حرب غزة بالحرب الأوکرانیة منذ البدایة.  ولذلک فإن الأزمة فی أوکرانیا والأزمة فی غزة لا تتوفر فیهما أی من الشرطین اللازمین للتحول إلى حرب عالمیة ثالثة؛ لأن بنیة هاتین الأزمتین لیست مکملة لبعضها البعض، ولا توجد بوادر لحدث یرید خلق سلسلة بین‌هاتین الأزمتین.  وبالإضافة إلى العوامل المذکورة أعلاه، لا بد من الإشارة أیضاً إلى دور الصین التی تحاول بکل طاقتها منع الحرب.  إن السیاسة العالمیة التی تنتهجها الصین تشیر إلى أنها، على الأقل فی الوضع الحالی، تتوقع اندلاع حرب عالمیة ضد مصالحها الاستراتیجیة.

لکن على مستوى منطقة غرب آسیا، فإن الوضع مختلف.  إن نظرة إلى الأزمات الحادة التی شهدتها الأسابیع القلیلة الماضیة تکفی لإظهار أن الأزمات وُضعت فی ترتیب تکمیلی لبعضها البعض.

  • رغم بعض التوقعات، یواصل النظام الصهیونی تقدمه فی غزة، والخسائر البشریة تجاوزت 25 ألف شخص، ویخطط النظام لإنشاء أرض محروقة فی غزة.
  • ولا توجد أنباء عن مواجهة جدیة وفخاخ لحماس والجماعات الفلسطینیة المسلحة فی غزة حتى الآن، الأمر الذی دفع النظام الصهیونی إلى مواصلة جرائمه الهمجیة والمعادیة للإنسانیة.  ومع ذلک، یقال إن حماس لم تتعرض لأضرار جسیمة فی هذه الهجمات ویمکنها أن تبدأ هجمات مضادة فی الوقت المناسب.
  • هجمات إسرائیل وحزب الله فی شمال الأراضی الفلسطینیة تمت السیطرة علیها رغم التقلبات، لکنها قد تخرج فی أی لحظة عن السیطرة بإرادة أحد طرفی الصراع.
  • استمرار هجمات کتائب حزب الله على القواعد الأمریکیة.
  • فتح الجیش الیمنی جبهة جدیدة فی المنطقة من خلال مهاجمة السفن المتجهة إلى إسرائیل والقادمة من إسرائیل.
  • هجمات أمریکا وإنجلترا مع تحالف دول أخرى على الیمن واستمرار الهجمات الیمنیة على السفن التی تضم الآن سفنًا أمریکیة وربما بریطانیة، زادت من عمق الأزمة.
  • العملیة الإرهابیة فی کرمان ورد إیران على مقرات الإرهابیین فی العراق وسوریا وباکستان سلطت الضوء على جانب آخر من الأزمة فی المنطقة.
  • شکوى العراق أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومواجهة الجامعة العربیة ضد الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة خلقت أزمة دبلوماسیة جدیدة.
  • إن الرد الباکستانی الصاروخی على الهجمات الصاروخیة الإیرانیة خلق ظروفاً جدیدة. (ولکن من حسن الحظ أن البلدین تمکنا من احتواء الأزمة وإدارتها فی الوقت الحالی).
  • استمرار اغتیال المستشارین العسکریین الإیرانیین فی سوریا یظهر رغبة النظام الصهیونی فی توسیع الحرب مع إیران فی سوریا ولبنان.

یظهر المحور أعلاه؛  لقد تحقق الشرط الأول لحدوث حرب إقلیمیة واسعة النطاق، لأن الأحداث مکملة لبعضها البعض، وتحقق الترتیب الهیکلی للأزمات.

الشرط الثانی هو حدث مخطط له أو حدث غیر مخطط له، مثل خیط المسبحة، یمکن أن یربط بین الأزمات العمیقة والنشیطة الحالیة ومن ثم یتسبب فی حرب إقلیمیة ستکون خارجة عن سیطرة العدید من الدول.  ویتسبب فی هذا الحدث أی جانب من الصراع؟

وفی الوقت الحالی، یبدو أن إسرائیل تخطط لهذا الحدث.  ربما یعتقد قادة الصهاینة أن إیران وحزب الله، أولاً، لا یبحثان عن توسیع الأزمة، وثانیاً، فی حالة نشوب حرب مباشرة بین إسرائیل وحزب الله وإیران، فإن الدول العربیة ستنحاز بشکل غیر مباشر إلى إسرائیل، فی حین أن دولاً أخرى مثل العراق وترکیا وقطر ستبقى على الحیاد، وثانیاً، ستضطر أمیرکا أیضاً إلى الدخول فی الصراع لصالح إسرائیل.

ومن ناحیة أخرى، فإن إیران وحزب الله لا یریدان توسیع الحرب فی الوضع الحالی، ولدیهما تحلیل مفاده أن إسرائیل ستصاب بالیأس فی نهایة المطاف فی غزة، وهو تحلیل صحیح ودقیق.  لکن من المحتمل أن تضطر إیران وحزب الله إلى الدخول فی حرب مباشرة مع إسرائیل فی مواجهة بعض الأحداث المخطط لها أو غیر المخطط لها، وعندها ستکون حرب إقلیمیة واسعة النطاق حتمیة.

ما هی الأحداث المخططة أو غیر المخططة التی یمکن أن تحقق هدف إسرائیل وتوسع الحرب؟

  • الهجوم الإسرائیلی الضخم والمباشر على حزب الله.
  • هجوم إسرائیل غیر المباشر على إیران من خلال عملیات الاغتیال أو التخریب فی المنشآت العسکریة داخل الأراضی الإیرانیة.
  • تفعیل عملاء داعش الانتحاریین فی إیران من قبل أجهزة الموساد التجسسیة.
  • تصاعد الأزمة فی الیمن بعد استمرار وتزاید هجمات الجیش الیمنی على السفن.
  • الرد العسکری الإیرانی على النظام الصهیونی عقب اغتیال المستشارین العسکریین الإیرانیین فی سوریا.

یمکن لکل من الأحداث المذکورة أعلاه أن یربط بسهولة بین الأزمات الإقلیمیة المتراکمة والمنظمة والنشیطة والحرب الواسعة النطاق فی المنطقة، والتی لا شک أن إیران والکیان الصهیونی هما الطرفان الرئیسیان فیها؛  لیضغط على المفتاح.

ولذلک فإن تسلسل التطورات الإقلیمیة واحتمال وقوع أحداث مخطط لها أو غیر مخطط لها یمکن أن یضع منطقة غرب آسیا على عتبة حرب واسعة النطاق وشاملة.  وفی هذا الصدد، ینبغی تصمیم خریطة طریق ذکیة لکل حدث من الأحداث الخمسة المذکورة أعلاه، حتى تختفی مخططات النظام الصهیونی الشریرة لتدمیر السلام والأمن الدولیین والإقلیمیین.

 سید محمد حسینی، خبیر أول فی مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة

 "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است