البحرین فی التحالف ضد الیمن: الأسباب والدوافع

إن الأزمات الأمنیة والسیاسیة فی الشرق الأوسط تقترب من النقطة الحادة، ومراقبة سلوک الجهات الفاعلة فی هذه الأزمات أمر ضروری واستراتیجی للغایة. والغرض من هذا التحلیل القصیر هو معالجة سلوک البحرین تجاه التطورات فی الیمن:
22 رجب 1445
رویت 1137
سید محمد حسینی

إن الأزمات الأمنیة والسیاسیة فی الشرق الأوسط تقترب من النقطة الحادة، ومراقبة سلوک الجهات الفاعلة فی هذه الأزمات أمر ضروری واستراتیجی للغایة.  والغرض من هذا التحلیل القصیر هو معالجة سلوک البحرین تجاه التطورات فی الیمن:

وبعد أن أصدر مجلس الأمن قراراً ضد الیمن بشأن الهجوم على السفن التجاریة "من/إلى" وجهة إسرائیل، نفذ تحالف الدول بقیادة الولایات المتحدة وإنجلترا هجمات عسکریة، وهی هجمات من المرجح أن تستمر. وتشارک أمریکا وإنجلترا وکندا وأسترالیا وهولندا والبحرین فی هذا التحالف العسکری ضد الیمن.  والبحرین هی الدولة الوحیدة من منطقة غرب آسیا والخلیج العربی المشارکة فی هذا التحالف. ولکن لماذا البحرین؟

لیس هناک شک فی أن الولایات المتحدة قامت بترتیبات مع المملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة قبل مهاجمة الیمن، لکن المملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة اختارتا عدم المشارکة علناً فی هذا التحالف.  وهنا السؤال الأساسی:

ما العامل أو العوامل التی دفعت البحرین إلى المشارکة بشکل مباشر فی هذا التحالف وتحمل تکالیفه المحتملة فی المستقبل؟  من المؤکد أن أمریکا وحلفائها لا یحتاجون إلى القوة العسکریة التی تتمتع بها قوة إقلیمیة صغیرة مثل البحرین لمهاجمة الیمن. للوهلة الأولى یتبادر إلى الأذهان هذا الجواب، وهو أن إنشاء قواعد بحریة أمریکیة فی البحرین واستخدام هذه القواعد فی عملیات عسکریة ضد الیمن، أوجد ضرورة مشارکة البحرین فی التحالف. لکن هذا أیضاً لیس الحل لمشکلتنا لأن أمریکا یمکنها استخدام هذه القواعد دون مشارکة البحرین المباشرة.  وینبغی النظر إلى سلوک البحرین فی قضایا أخرى.

ویبدو أن البحرین شارکت فی هذا التحالف لأن آل خلیفة یعتبر بلاده خاسرة أمام التوجهات السیاسیة والأمنیة المستقبلیة فی الخلیج العربی، ویعتبر أن الطریقة الوحیدة للبقاء على قید الحیاة وتقلیل تعرضه للاتجاهات المستقبلیة هی تعزیز سیاسة "الاتباع المحض لأمریکا" (Band wagon policy). بمعنى آخر، تشعر البحرین بخطر جدی من المستقبل السیاسی والأمنی للخلیج الفارسی.  وعلى العکس تماماً من قطر والمملکة العربیة السعودیة وإلى حد ما الإمارات العربیة المتحدة، التی تتصور العدید من الفرص السیاسیة والأمنیة لنفسها فی الاتجاهات المستقبلیة فی الخلیج العربی.  ومن هذا المنطلق، تحاول البحرین تعزیز علاقتها الأمنیة مع أمریکا حتى تکون أقل ضرراً فی التوجهات الإقلیمیة المستقبلیة.

سؤال آخر هو: ما هی الاتجاهات الإقلیمیة المستقبلیة التی یشعر آل خلیفة بالتهدید منها؟  وفی الرد یمکن ذکر ما یلی:

1) عملیة تغییر طبیعة التدخل الأمریکی فی منطقة الخلیج العربی؛  نمط التوازن من مسافة أو التوجیه من مسافة (توازن) هو سیناریو غیر مناسب للبحرین، لأنه فی هذا النموذج ستنفذ أمریکا حملات أمنیة وسیاسیة بمساعدة السعودیة والإمارات وقطر بشکل رئیسی، وسترفض نقل المسؤولیة إلى البحرین بسبب ضعفها العسکری وثقلها السیاسی المحدود.

2) إن التغییر فی اتجاه میزان القوى فی المنطقة من الجهات الخارجیة إلى الجهات الداخلیة (النظام الإقلیمی الداخلی) سیکون ضاراً أیضاً بالبحرین. إن بقاء القوى الصغیرة مثل البحرین یعتمد على وجود أمریکا وتدخلها المباشر والنظام الإقلیمی الخارجی.  إن رغبة دول المنطقة فی خلق نظام إقلیمی داخلی، والذی یوفره نموذج التدخل من أماکن بعیدة عن أمریکا، تضر بالبحرین.

3) قوة صغیرة مثل البحرین تسعى إلى ضمان بقائها وأمنها من خلال زیادة القطبیة الأمنیة بین إیران والسعودیة، وعلى مستوى أکبر بین جبهة المقاومة والجبهة الغربیة العربیة.  وبقدر ما تتکثف هذه الثنائیة القطبیة، فإن احتمالیة بقاء البحرین سوف تتزاید. وفی هذه الاستراتیجیة تشترک البحرین أیضاً مع النظام الصهیونی، لأن إسرائیل تتبع أیضاً استراتیجیة الاستقطاب بین إیران والدول العربیة.  أحد الأسباب الرئیسیة لتطبیع العلاقات بین إسرائیل ودول الخلیج الفارسی هو الاستقطاب بین إیران والدول العربیة فی المنطقة. وینبغی أیضاً السعی إلى تطبیع علاقات البحرین مع إسرائیل فی هذا الشأن.  تنتهج البحرین، أولاً، النظام الإقلیمی المتطلع إلى الخارج من خلال التطبیع، وثانیاً، زیادة القطبیة الإقلیمیة.  إغلاق أو تأجیل عملیة التطبیع العربی ومع إسرائیل یضر البحرین کثیراً.

4) کما أن تزاید المنافسة بین القوى الکبرى فی الخلیج العربی مع دخول الصین وروسیا إلى هذه المنطقة یضر بالبحرین أیضًا.  إن دخول الصین إلى المنطقة یجلب الاستقرار ویعزز الحملات الاقتصادیة للمنطقة.  استقرار المنطقة وتعزیز الحملات الاقتصادیة، رغم أنه یخلق فرصا وفوائد للبحرین، إلا أنه على المدى الطویل یمکن أن یزید من هشاشة أمن البحرین السیاسی والاقتصادی.

5) إن التهدئة السعودیة مع إیران تنطوی أیضًا على فرص وتهدیدات.  إن التهدید الأهم الذی یهدد إحیاء العلاقات الإیرانیة السعودیة هو تقلیص القطبیة الثنائیة وزیادة الاتجاهات الداخلیة فی المنطقة.

6) وبالنظر إلى برنامج التنمیة للمملکة العربیة السعودیة والإمارات العربیة المتحدة وقطر، وجدیة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی سیاسة الجوار، وتقلیص وجود الولایات المتحدة وزیادة نشاط الصین فی الخلیج الفارسی، فمن المتوقع أن سنشهد زیادة فی عوامل الاستقرار وانخفاضاً فی عوامل التوتر فی المنطقة، وهو أیضاً اتجاه غیر مرغوب فیه بالنسبة للبحرین من الناحیة السیاسیة.

7) تشعر البحرین بالتهدید من قبل السعودیة على المدى الطویل، وتعتقد أنه مع التطورات فی السیاسة الداخلیة والخارجیة للسعودیة، من المحتمل أن تقلل الریاض من التزاماتها الأمنیة تجاه البحرین.

8) إن تزاید قوة قطر بمختلف أبعادها لیس فی صالح البحرین.  ولا یحب آل خلیفة أن تتزاید المسافة بین قطر والبحرین فی مختلف المجالات السیاسیة والأمنیة والاقتصادیة.

9) ومن الناحیة الاقتصادیة، فإن اتجاهی دول الخلیج الفارسی نحو آسیا وعملیة التکامل فی سلسلة القیمة العالمیة مستمرة فی المنطقة، وفی هذا المجال تجد البحرین نفسها متخلفة کثیراً عن منافسیها وجیرانها.

ولذلک انضم آل خلیفة إلى التحالف العسکری الغربی فی الهجوم على الیمن من أجل ضمان بقائه وتقلیل ضعفه وتعویض تأخره فی الاتجاهات المذکورة أعلاه.

 سید محمد حسینی، خبیر أول فی مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة

  "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است