الناتو وإسرائیل؛ نظرة على نهج حلف شمال الأطلسی تجاه التطورات فی غزة

قبل عشرة أیام فقط من عملیة اقتحام الأقصى، قام روبرت باور، رئیس اللجنة العسکریة لحلف شمال الأطلسی (الناتو)، بزیارة إلى إسرائیل استغرقت یومین فی ۲۷ سبتمبر ۲۰۲۳. وزار خلال هذه الرحلة حدود غزة والأراضی المحتلة أثناء اجتماعه مع رئیس الأرکان العامة للقوات المسلحة للنظام الصهیونی.
12 جمادى الأولى 1445
رویت 1343
رضا حقیقی

قبل عشرة أیام فقط من عملیة اقتحام الأقصى، قام روبرت باور، رئیس اللجنة العسکریة لحلف شمال الأطلسی (الناتو)، بزیارة إلى إسرائیل استغرقت یومین فی 27 سبتمبر 2023. وزار خلال هذه الرحلة حدود غزة والأراضی المحتلة أثناء اجتماعه مع رئیس الأرکان العامة للقوات المسلحة للنظام الصهیونی. وکان التعرف على قدرات إسرائیل العسکریة فی مجال الذکاء الاصطناعی والمعدات الروبوتیة لضبط الحدود ومراقبة المعابر الحدودیة، ضمن أهداف زیارته المیدانیة. وذکر موقع حلف شمال الأطلسی فی الأخبار المتعلقة بتغطیة هذه الرحلة: یتمتع القطاع العسکری على حدود غزة (فی إسرائیل) بخبرة فریدة فی مکافحة الإرهاب السری. تمحورت محادثات الأدمیرال بویر مع المسؤولین العسکریین الإسرائیلیین حول الابتکارات العسکریة والتحدیات الأمنیة الجدیدة، وقال عن رحلته إلى الأراضی المحتلة: إن القدرة على التعامل مع حروب الیوم والتحضیر لحروب المستقبل والموقف الدفاعی لحلف الناتو أمر مهم للغایة. إن تعاوننا مع شریکنا العسکری إسرائیل لمواجهة التحدیات الأمنیة والبحث عن قدرات عسکریة مبتکرة سیساعد کلا منا فی الحفاظ على تفوقنا العسکری ضد خصومنا. وفی زیارة لکلیة الأمن القومی الإسرائیلیة، قال أیضاً: "إن حلف الناتو یشارک إسرائیل فی العدید من مخاوفها. نرى أن الأنظمة الاستبدادیة فی أوروبا والشرق الأوسط تواجهنا تحدیات.( وما کان یقصده بالمجال الأوروبی هو أداء روسیا فی أوکرانیا). وکما قال نائب الأمین العام لحلف شمال الأطلسی، میرتشیا جوانا، أثناء زیارته لإسرائیل قبل بضعة أسابیع، فإننا نبدأ تعاوناً جدیداً وسنتعامل مع التهدیدات المشترکة والتحدیات الأمنیة. تجدر الإشارة إلى أن نائب الأمین العام لحلف شمال الأطلسی کان قد قام بزیارة إلى إسرائیل استغرقت یومین فی أوائل سبتمبر والتقى خلال هذه الرحلة بالرئیس یتسحاق هرتزوغ ورئیس الوزراء بنیامین نتنیاهو وناقشا التعاون بین الطرفین فی مجالات التکنولوجیات الجدیدة والابتکار والبیئة.

إن المواقف الرسمیة لحلف شمال الأطلسی (الناتو) بشأن خبرة إسرائیل الفریدة فی الحرب السریة وادعاءاتها بقدرات فی مجال مراقبة الحدود باستخدام الروبوتات واستخدام الذکاء الاصطناعی لا تظهر النظام الصهیونی فحسب، بل تظهر أیضًا حلفائه الغربیین إلى أی مدى کانت عملیة 7 أکتوبر التی نفذتها حماس فی إسرائیل مفاجئة. الثقة بالنفس والفخر الذی کان لدى الصهاینة للاستفادة من التقنیات الجدیدة والطائرات بدون طیار والأسوار المجهزة بأجهزة الاستشعار وغیرها، إلى جانب المعلومات المضللة التی قدمتها «حماس» للمجموعات التی کانت تعلم أن جهاز الاستخبارات الإسرائیلی یراقبها، وغیرها من العوامل المؤثرة، شهدت إسرائیل فشلاً استخباراتیاً غیر مسبوق.

وبعد عملیة اقتحام الأقصى والهجوم الإسرائیلی على غزة، أعرب حلف شمال الأطلسی مراراً وتکراراً عن دعمه الواضح للأعمال الإسرائیلیة، ویغض الطرف عن القتل البشع للنساء والأطفال والانتهاک الواضح لحقوق الإنسان والمدنیین من قبل الصهاینة ویتجاهل هذه المأساة الکبرى.

وخلال اجتماع وزراء دفاع الناتو فی بروکسل (11-12  /أکتوبر)، أطلع وزیر الدفاع الإسرائیلی یوآف غالانت نظرائه الغربیین على آخر تطورات الحرب من خلال مؤتمر عبر الفیدیو ثم صرح الأمین العام لحلف شمال الأطلسی ینس ستولتنرغ بما یلی: یدین الناتو هجمات حماس ضد مواطنی وشعوب الدول الأعضاء فی الناتو بأقوى رسالة ممکنة ویعلن أن إسرائیل لیست وحدها.

وفی هذا الاجتماع، اعترف وزراء دفاع الناتو بما یسمى بحق إسرائیل فی الدفاع عن نفسها وطلبوا من حماس إطلاق سراح الرهائن، بالإضافة إلى ذلک، ذکروا، دون تسمیة دولة معینة، أنه لا ینبغی لأی دولة أو منظمة أن تسعى إلى استغلال هذا الوضع أو تفاقمه، وربما مع وجود دول مثل ترکیا کعضو فی حلف شمال الأطلسی فی الاجتماع الوزاری، فقد کانت هناک اعتبارات حول تسمیة دولة أو منظمة معینة فی التقریر المنشور عن الاجتماع. والأکثر من ذلک، أنه فی وقت لاحق من الاجتماعات والخطب الثنائیة، ذکر الأمین العام لمنظمة حلف شمال الأطلسی بوضوح إیران وحزب الله اللبنانی.

وقبل الاجتماع المذکور، أعلن میرتشیا جوانا، نائب الأمین العام الرومانی لحلف شمال الأطلسی، فی اجتماع الجمعیة البرلمانیة لحلف شمال الأطلسی فی کوبنهاغن، أن هجوم حماس على إسرائیل غیر مبرر وأدانه. ومع توضیح الأبعاد الکارثیة لهجمات النظام الصهیونی على غزة والقتل الواسع النطاق للمدنیین والنساء والأطفال العزل، اکتفى الأمین العام لحلف شمال الأطلسی فی مناسبات مختلفة وفی اجتماعاته بالتشدید على ضرورة حمایة المواطنین والمدنیین و إن وصول المساعدات الإنسانیة إلى غزة کان کافیا، وفی الوقت نفسه أکد على حق إسرائیل فی الدفاع عن نفسها فی إطار القانون الدولی. ومع توضیح الأبعاد الکارثیة لهجمات النظام الصهیونی على غزة والقتل الواسع النطاق للمدنیین والنساء والأطفال العزل، اکتفى الأمین العام لحلف شمال الأطلسی فی مناسبات مختلفة وفی اجتماعاته بالتشدید على ضرورة حمایة المواطنین والمدنیین و إن وصول المساعدات الإنسانیة إلى غزة کان کافیا، وفی الوقت نفسه أکد على حق إسرائیل فی الدفاع عن نفسها فی إطار القانون الدولی. ومن المهم أیضاً ذکر اسم "إیران" فی اللقاءات المذکورة. وقال ستولتنبرغ فی الاجتماعات الثلاثة المذکورة: "یجب على إیران وحزب الله اللبنانی ألا یستغلا هذه الظروف ویجب ألا تزداد التوترات فی هذا الصدد". وأضاف فی اجتماع أوسلو، وهو یشیر إلى ضرورة التوصل إلى حل سیاسی وسلام دائم: إن الحرب فی غزة یجب ألا تضعف إرادتنا فی دعم أوکرانیا.  کما التقى الأمین العام لحلف الناتو خلال زیارته إلى برلین (9 نوفمبر 2023 - 18 نوفمبر 1402هـ) برئیس الوزراء الألمانی أولاف شولتز للمشارکة فی المؤتمر السنوی الأول للدفاع السیبرانی لحلف الناتو. وشدد ستولتنبرغ فی المؤتمر الصحفی المشترک على أربعة مبادئ: التوصل إلى حل سیاسی للسلام، ووقف الحرب حتى تتمکن المساعدات الإنسانیة من الوصول إلى غزة، وحمایة أرواح المدنیین، و التزام القانون الدولی. وبینما تجاوز عدد ضحایا الهجمات الإسرائیلیة الجبانة على غزة عشرة آلاف قتیل، وأکثر من أربعة آلاف من الضحایا أطفال، رفض مسؤول الناتو مجرد التطرق إلى هذه القضیة. کما قال بوضوح: الحرب فی غزة یجب ألا تتحول إلى صراع إقلیمی وعلى إیران وحزب الله الابتعاد عن هذه الحرب.

ویتشکل التعاون التنظیمی‌بین "الناتو" و"الکیان الصهیونی" فی إطار "الحوار المتوسطی" منذ عام 1994.  وتم إنشاء المنتدى الذی یضم سبع دول هی: مصر ، الأردن ، المغرب ، الجزائر ، تونس ،موریتانیا وإسرائیل، بهدف المشارکة فی الأمن والاستقرار الإقلیمیین وتحسین التفاهم المتبادل وإزالة المفاهیم الخاطئة بین دول هذه المنطقة وحلف شمال الأطلسی. ومن بین المواضیع المدرجة على جدول الأعمال أیضًا الاجتماعات الجماعیة والمتعددة الأطراف والمحادثات الثنائیة بین الدول وحلف شمال الأطلسی (الناتو+1). کل عامین، تتفق کل دولة من الدول الأعضاء فی الحوار المتوسطی على وثیقة تعاون ثنائی بعنوان: برنامج التعاون للشراکة الفردیة (IPCP)، والتی توفر إطاراً واضحاً للتعاون الثنائی. وفی قمة الناتو التی انعقدت فی بروکسل فی یونیو 2021، تمت الموافقة على تعزیز التعاون بین الناتو وأعضاء منتدى الحوار المتوسطی على شکل رکیزتین: "الحوار السیاسی" و"التعاون العملی".

وقامت منظمة حلف شمال الأطلسی بالهجوم على لیبیا عام 2011 والحرب فی البلقان فی التسعینیات تحت عنوان حمایة المدنیین والدفاع عن الحقوق الإنسانیة. فی شرح وظیفته، یرکز الناتو على ضمان السلام المستدام على أساس "القیم المشترکة" للدول الأعضاء، بما فی ذلک: فهو یؤکد على "الحریة الفردیة"، و"الدیمقراطیة"، و"حقوق الإنسان"، و"سیادة القانون"، وهذه القیم المشترکة هی التی خلقت هذا التحالف. ویصر مسؤولو الناتو أیضاً على حقوق الإنسان والالتزام بالقانون الدولی فی مناسبات مختلفة، لکن فی الممارسة العملیة وما شوهد بوضوح خلال حرب غزة، فی الواقع، إنه الدعم المنهجی لانتهاک هذه المنظمة الواضح لحقوق الإنسان الأساسیة. ویشیر التوجه المتحیز للتطورات الفلسطینیة فی أدبیات مسؤولی الناتو إلى اعتماد هذه المنظمة المطلق على سیاسات أکبر أعضائها وزعیمها وممولها الرئیسی، الولایات المتحدة، وکذلک على سیاسة اللوبی الصهیونی. والتعاون التنظیمی لهذه المنظمة مع إسرائیل منطقی فی هذا الإطار.

رضا حقیقی، خبیر فی مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة

 "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است