الأزمات العالمیة وأزمة کفاءة الأمم المتحدة

إن نمو العلوم والتکنولوجیا وإنجازات الذکاء الاصطناعی یبشر بحیاة أفضل مع السلام والتعایش السلمی. لکن فی الألفیة الثالثة، رافقت التطورات الدولیة والإقلیمیة زیادة فی العنف والجرائم. وبهذه الطریقة، إذا کنا نشهد فی القرن العشرین أزمة خطیرة کل عقد، فقد وصل هذا الاتجاه فی القرن الحادی والعشرین إلى أزمة خلال عام واحد ، فی هذه الأثناء، یواجه النظام الدولی وکبار السیاسیین فی العالم فراغاً وغیاباً للإنجازات المهمة فی منع الأزمات، وخاصة فی حل الصراعات الدمویة.
13 جمادى الأولى 1445
رویت 478
علی‏ بمان اقبالی زارتش

إن نمو العلوم والتکنولوجیا وإنجازات الذکاء الاصطناعی یبشر بحیاة أفضل مع السلام والتعایش السلمی.  لکن فی الألفیة الثالثة، رافقت التطورات الدولیة والإقلیمیة زیادة فی العنف والجرائم. وبهذه الطریقة، إذا کنا نشهد فی القرن العشرین أزمة خطیرة کل عقد، فقد وصل هذا الاتجاه فی القرن الحادی والعشرین إلى أزمة خلال عام واحد  ، فی هذه الأثناء، یواجه النظام الدولی وکبار السیاسیین فی العالم فراغاً وغیاباً للإنجازات المهمة فی منع الأزمات، وخاصة فی حل الصراعات الدمویة.

 وفی هذا الصدد، فإن الأمم المتحدة، باعتبارها أکبر منظمة دولیة، تمر بعملیة رکود فی القضایا العالمیة المهمة، وقد وصلت إلى طریق مسدود فی القضایا الدولیة المهمة. بینما تشهد الساحة الدولیة هذه الأیام تطورات متنوعة ومعقدة، من الإبادة الجماعیة فی فالیسزین إلى الخلافات فی المحور الأوروبی الأطلسی ونوع من الصراع فی المثلث الأسترالی؛  وتشهد الولایات المتحدة والمملکة المتحدة، جنباً إلى جنب مع شرکائهما الاستراتیجیین الأوروبیین، وخاصة فرنسا، الأزمة فی أوکرانیا؛ ولکن الحدیث أصبح أقل عن دور الأمم المتحدة باعتبارها المؤسسة الدولیة الأکبر فی مجال السلام والاستقرار. وهو أمر یبدو أنه تم قبوله کحقیقة وقاعدة من قبل رجال الدولة والرأی العام العالمی. وبالفعل، لماذا نأت الأمم المتحدة بنفسها عن مهمتها ومثلها الأهم وأصبحت أکثر انشغالا ببعض القضایا الثانویة؟  التعامل مع شؤون اللاجئین وإصدار عدد من البیانات؟

 وحتى دور الأمین العام فی أزمات السنوات الأخیرة اقتصر على تصریحات غیر مؤثرة.  ویعتبر منصب الأمین العام أعلى وظیفة دولیة وأهم منصب إداری فی الأمم المتحدة، وهو المسؤول عن تنسیق أنشطة المنظمة، إلى جانب تقدیم المبادرات البناءة لتعزیز السلام والأمن الدولیین والنمو والتنمیة العامة. ویجب أن یحافظ الأمین العام فی أنشطته على الاستقلالیة والحیاد والشمولیة بالإضافة إلى صفاته المهنیة وإبلاغ مجلس الأمن والمؤسسات الأخرى التابعة للأمم المتحدة بإمکانیة حدوث أیة أزمة تهدد السلام والأمن الدولیین واستراتیجیات المنع والانسحاب فی شکل مشروع قرار. لقد مر أکثر من سبعة عقود على إنشاء الأمم المتحدة، ویتلخص التقییم الأکثر شیوعاً حول هذه المنظمة فی الجمل التالیة:

إن الأمم المتحدة هی أهم منظمة دولیة معروفة بأنها أقل دقة ومهنیة، وکانت بمثابة الأداة الأفضل للدول الکبرى، وخاصة أصحاب حق النقض وبالنسبة للدول الأخرى والأمم الأخرى، من الأساسی أن تصل الخلافات اللفظیة إلى حل مشاکل العالم. ویعتبر حق النقض، الذی تم تناوله بشکل غیر مباشر فی المادة 27 من المیثاق، أحد العوامل المهمة لعدم کفاءة المنظمة وقد تم استخدامه مرات عدیدة خلال نشاط المنظمة، وأکثر الحالات استخداماً تعود إلى الاتحاد السوفییتی السابق بـ 130 حالة؛  أمریکا مع 90؛  ولإنجلترا 40 حق النقض والصین 11 وفرنسا 22 وروسیا نحو 20 فی الفترة الجدیدة. وبطبیعة الحال، بعد انهیار الاتحاد السوفییتی السابق، کان حق النقض هو الأکثر استخداماً من قبل الولایات المتحدة، ومن المثیر للاهتمام أن الولایات المتحدة لم تستخدم حق النقض إلا فی أکثر من 40 حالة على القرارات المتعلقة بإدانة الصهیونیة. النظام الحاکم.

والحقیقة أنه بالإضافة إلى الإجماع العالمی على ضرورة التغییر فی النظام الدولی؛  وترى مختلف البلدان أن المحافل الدولیة، وخاصة الأمم المتحدة، تحتاج أیضاً إلى تغییرات جوهریة وآلیات حدیثة حتى تتمکن من الاستجابة للظروف العالمیة الجدیدة؛  تتمتع بأداء فعال. یدین العدید من المحللین حق النقض ویعتقدون أن المراجعة الأساسیة ضروریة فی صیغة مقدار وکیفیة استخدام هذا الحق الأداتی. لأن هذه القضیة دفعت الأمیرکیین إلى اللجوء إلى الأحادیة واستخدام مبدأ التدخل العسکری کأداة لمنع الحرب وانعدام الأمن. وفی السنوات الأخیرة، احتجت العدید من الدول على حق النقض، وعلى الأقل تطالب دول الیابان وألمانیا والهند بهذا الحق بإصرار؛  وفی الوقت نفسه، طالبت الدول الإسلامیة أیضاً بمثل هذا الحق فی شکل المادة 22 من بیان قمة طهران.

وبعد قضیة فلسطین، یمکن ذکر أفغانستان وسوریا والعراق وأوکرانیا ضمن مراکز الأزمات فی العالم؛ وفی الوقت نفسه، وعلى مدى العقدین الماضیین، کان البرنامج النووی السلمی الإیرانی على جدول أعمال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فی ظل الجهود المشبوهة التی بذلتها القوى الکبرى. ورغم أن القوى العالمیة الکبرى، وخاصة أمریکا، تدخلت فی الدول الثلاث الأولى بطریقة أحادیة وما یسمى بالأسلوب الوقائی تحت شعار مکافحة الإرهاب والأسلحة الخطیرة، إلا أن الأمم المتحدة لم تتمکن من لعب دورها فی اتخاذ نهج نشط وفعال فی هذا الشأن.

کما یجب الاعتراف بأن سجل المنظمة فی هدف آخر مهم جدًا للمنظمة؛  وهذا یعنی أن مکافحة الفقر والجوع لیست مشرقة للغایة. لأن الملایین من الأفارقة ما زالوا یعیشون فی فقر مدقع، والمجاعة والجوع الذی یعانی منه الشعب الصومالی هی إحدى مشاکله.  ومن المثیر للاهتمام، بحسب مراسلی المنظمة، أن الحصول على لتر من میاه الشرب النقیة یومیا لا یزال رغبة أکثر من نصف سکان العالم، الذین یعیشون على أقل من دولارین إلى خمسة دولارات یومیا للفرد.

فی ملخص عام، وبالنظر إلى الاتجاه المتزاید للأزمات الإقلیمیة والعالمیة التی تسببت فی الإبادة الجماعیة والجرائم واسعة النطاق ضد الإنسانیة؛ إن أداء الأمم المتحدة، وخاصة فی الأزمة الأوکرانیة والحرب الأخیرة فی غزة والمجازر المستمرة لآلاف النساء والأطفال الأبریاء على ید النظام الصهیونی، غیر مقبول لدى الرأی العام العالمی. ولا بد من الاعتراف أنه من ناحیة أخرى، فإن الهیکل الواسع والطویل الحالی فقد کفاءته وبسبب عدم نجاحه فی الألفیة الثالثة؛  وهناک حاجة ملحة لإجراء تحول جذری وإصلاح للهیکل من خلال اتباع نهج مبدئی وموجه نحو العدالة  ومن ناحیة أخرى، فإن تراجع دور ومکانة هذه المنظمة وغیرها من الهیاکل الإقلیمیة والدولیة، مثل منظمة المؤتمر الإسلامی وغیرها، أمر اعترفت به العدید من الدول والشخصیات السیاسیة والدولیة، وبحسب ما ورد وأدائها فی المعادلات الدبلوماسیة والتسویة، والأزمات المؤلمة الحالیة لا تعتبر حاویة عالیة القدرة لها.

 علی بامان إقبالی زارش، خبیر کبیر فی أوراسیا

 "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است