موسم جدید من العلاقات الإیرانیة السعودیة

التوازن الجیوسیاسی هو العمل العقلانی لجمیع الجهات الفاعلة فی النظام الدولی والأنظمة الفرعیة. کلما زادت أهمیة النظام الفرعی (المنطقة)، أصبحت التوازن الجیوسیاسی أکثر حساسیة وتعقیدًا، بحیث تتضمن فی عملیة التوازن مجموعة من الإجراءات من الموجهة نحو الصراع إلى الموجهة نحو التفاعل.
10 ربيع الأول 1445
رویت 539
سید محمد حسینی

التوازن الجیوسیاسی هو العمل العقلانی لجمیع الجهات الفاعلة فی النظام الدولی والأنظمة الفرعیة. کلما زادت أهمیة النظام الفرعی (المنطقة)، أصبحت التوازن الجیوسیاسی أکثر حساسیة وتعقیدًا، بحیث تتضمن فی عملیة التوازن مجموعة من الإجراءات من الموجهة نحو الصراع إلى الموجهة نحو التفاعل.

  • إن حساسیة وتعقید العلاقات فی منطقة غرب آسیا (التی تشکل، بحسب العدید من المحللین والمنظرین، قلب النظام الدولی فی الألفیة الثالثة)، تجعل التوازن الجیوسیاسی أکثر تعقیداً من المناطق والأنظمة الفرعیة الأخرى. وبناء على ذلک، فمن أجل الحفاظ على دینامیتهم وبقائهم، یجب على الجهات الفاعلة فی غرب آسیا أن تکون مجهزة بالأدوات المادیة والدلالیة التی یمکنها من خلالها أداء مجموعة من الإجراءات التفاعلیة والتنافسیة، وإذا لزم الأمر، الموجهة نحو المواجهة.
  • إن الموقع المتمیز والاستراتیجی لإیران والمملکة العربیة السعودیة فی منطقة غرب آسیا وفی العالم الإسلامی وفی النظام الدولی واضح لجمیع مراقبی البیئة الدولیة. یثبت تاریخ السبعین عامًا الماضیة أن جودة العلاقات بین إیران والمملکة العربیة السعودیة کان لها دائمًا امتداد إقلیمی (انعکاس)، وبناءً على الأدلة، یمکن القول أنه فی السنوات الأخیرة، انخفضت جودة العلاقات بین طهران والسعودیة. کما کان للریاض تأثیر دولی. ولذلک فإن نوعیة العلاقات ومجالات التنافس ونوعیة التفاعل بین إیران والسعودیة لها تأثیر مباشر وغیر مباشر على الجوانب السیاسیة والأمنیة والاقتصادیة وحتى الاجتماعیة لدول المنطقة والعالم الإسلامی.
  • إن نظرة إلى تاریخ العلاقات بین إیران والسعودیة، خاصة بعد الثورة الإسلامیة، تبین أن أفضل مفهوم نظری یمکن أن یفسر العلاقات بین إیران والسعودیة هو نفس مفهوم التوازن الجیوسیاسی؛ وسواء عندما تحرکت طهران والریاض نحو خفض التوتر والتفاعل أو عندما کانت هناک مواجهة نشطة بین الطرفین، ففی کلا الحالتین کان سببها المتطلبات الهیکلیة للسلطة وفعل التوازن الجیوسیاسی.
  • ما یُنظّر أیضًا للوضع الحالی للعلاقات بین إیران والسعودیة، أی الفضاء التفاعلی الذی نشأ بعد اتفاق 10 مارس 2023، هو التفاعل الجیوسیاسی المبنی على العمل التفاعلی.
  • خمسة عوامل هیکلیة وخمسة عوامل وکالة دفعت طهران والریاض إلى التحرک نحو التوازن الجیوسیاسی على أساس التفاعل فی الاتجاهین.

 

الف - العوامل الهیکلیة: 

1- تشیر الاتجاهات السیاسیة والأمنیة والاقتصادیة إلى أن عوامل الاستقرار (تخفیف التوتر) فی الخلیج الفارسی أکثر دینامیکیة وأقوى من عوامل التوتر وزعزعة الاستقرار.

2- على الرغم من التفوق الملحوظ للعناصر الجیوسیاسیة على العناصر الجیواقتصادیة، إلا أنه یتم تعزیز العناصر الجیواقتصادیة فی الخلیج العربی.

3-یتم تعزیز النظام الإقلیمی الداخلی فی المجال السیاسی لدول منطقة الخلیج العربی بمشارکة الجهات الفاعلة الإقلیمیة والحد الأدنى من مشارکة القوى الخارجیة.

4-إن مشروع النظام الصهیونی لخلق الاستقطاب بین إیران والدول العربیة من خلال "الخوف من إیران" آخذ فی التراجع ولم یلق ترحیبا من شعوب وحکومات المنطقة.

5-شهدنا فی السنوات الأخیرة تراجع الحضور الأمریکی فی المنطقة؛  وهی استراتیجیة تتبعها أمیرکا تحت عنوان «الموازنة من بعید» أو «التوجیه من الخارج»، وقد حظیت بثقة جزئیة من حلفاء أمیرکا التقلیدیین فی المنطقة.

 

ب: العملاء: (یراقبون إرادة قادة إیران والسعودیة)

1-- جدیة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی تحقیق سیاسة الجوار خطوة بخطوة.

2- إرادة طهران والریاض فی خلق الاستقرار الإقلیمی، وفی الواقع تقارب مصالح إیران والسعودیة فی مسألة الاستقرار الإقلیمی فی المرحلة الحالیة؛

3- رغبة المملکة العربیة السعودیة فی تقلیل اعتمادها الأمنی على أمریکا؛  العملیة التی بدأت عام 2010 والمعروفة بـ"تنویع" علاقات السعودیة مع الدول العظمى.

4- مطالبة المنطقة والدول الإسلامیة فی الدول الإسلامیة من إیران والسعودیة بتهدئة التوترات؛

5- استعداد البلدین للتعاون فی مختلف المجالات الاقتصادیة والسیاحیة وکذلک التعاون على المستوى الإقلیمی والمنظمات الدولیة. 

ومن المؤکد أن توسیع التعاون بین البلدین الکبیرین فی المنطقة لن یعود بفوائد واسعة على إیران والمملکة العربیة السعودیة فحسب، بل سیکون متماشیا أیضا مع مصالح المنطقة والأمة الإسلامیة.

 سید محمد حسینی، خبیر أول فی مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة

 "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة" 

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است