منذ زمن طویل وحتى الآن تتعرض المرأة للأذى والأخطار مثل: العنف المنزلی، العنف الجنسی، قلة التواجد فی الوظائف الحساسة، الهجرة، قلة فرص الحصول على التعلیم والصحة الکافیة. فی هذه المقالة، سنحاول تقییم تأثیر الهجرة على المرأة فی السنوات الأخیرة. لقد وجدت الهجرة البشریة منذ مئات الآلاف من السنین واعتمدت على عدة عوامل. وأهمها یعتمد على الحرب والفقر والمرض والقضایا السیاسیة ونقص الغذاء والکوارث الطبیعیة والبطالة وانعدام الأمن. والسبب الثانی یمکن أن یکون الظروف والعوامل المواتیة التی تجذب وجهة الهجرة، مثل المزید من المرافق الصحیة والتعلیم الأفضل والدخل الأکبر والسکن الأفضل والحریات السیاسیة وبیئة أفضل.
وفی آخر الإحصائیات ومراجعة وضع الهجرة الیوم، یشیر تقریر الأمم المتحدة العالمی فی هذا الصدد إلى أنه فی عام 2020 کان هناک حوالی 281 ملیون مهاجر دولی فی العالم، وهو ما یعادل 3.6% من إجمالی سکان العالم. وتشیر التقدیرات إلى أن عدد المهاجرین الدولیین قد زاد على مدى العقود الخمسة الماضیة. یعیش 281 ملیون شخص فی بلد غیر بلد میلادهم عام 2020، بزیادة قدرها 128 ملیون شخص مقارنة بالتسعینیات وأکثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بالسبعینیات.
ووفقا لتقریر الأمم المتحدة نفسه، بین عامی 2000 و2020، شهدت آسیا أکبر نمو للمهاجرین بنسبة 74% (حوالی 37 ملیون شخص)، وشهدت أوروبا بزیادة قدرها 30 ملیون مهاجر دولی، ثانی أکبر نمو للمهاجرین فی هذه الفترة. وتأتی أمریکا الشمالیة التی تضم 18 ملیون مهاجر دولی وأفریقیا التی تضم 10 ملایین مهاجر فی المرتبة التالیة.
تأنیث الهجرة
وبما أن جمیع المهاجرین لا یحملون جنسیة البلد المضیف، فإنهم معرضون لانتهاکات حقوق الإنسان وعندما یدخلون بلد ما، بغض النظر عما إذا کان دخولهم قانونیا أو غیر قانونی، فإنهم یرون أن حقوقهم یتم تجاهلها مقارنة بمواطنی ذلک البلد.
إن أهم ما یمیز الهجرة فی العصر الجدید الذی أصبح یعرف بعصر الهجرة هو تأنیث الهجرة. وتأنیث الهجرة له أبعاد کمیة ونوعیة. ففی البعد الکمی یعنی زیادة حضور المرأة فی تدفقات الهجرة، وفی البعد النوعی یعنی أن المرأة لیست مجرد مهاجرة ثانویة، بل لها دور فعال وحضور مستقل فی عملیة الهجرة.
ویرى عالم النفس هوفمان أنه فی المجتمعات الأبویة، یکون عدد المهاجرات أقل، وعلى عکس البلدان التی تتمتع فیها النساء بمزید من الاستقلال، فإنهن یهاجرن أکثر. وبهذه الطریقة، تکون الهجرة عملیة جنسانیة، لأن أسباب الهجرة وطرقها وأنماطها وعواقبها تختلف بین الرجال والنساء. ویرتبط تأنیث الهجرة بالتغیرات الاجتماعیة، خاصة مع اندلاع الحرب فی بلد المنشأ وبهدف إیجاد الأمن وسوق العمل فی بلد المقصد. ولذلک، فإن النساء یهاجرن دولیا بشکل متزاید مع أزواجهن أو بدونهم. وتهاجر بعض الشابات والفتیات هرباً من سیطرة أسرهن أو بسبب الزواج القسری المبکر. قد تؤدی المعاییر الجنسانیة إلى هجرة النساء والفتیات. وتتجلى هذه الحالات بشکل أکثر وضوحا بین الفتیات فی أفریقیا وجنوب شرق آسیا. ورغم أن النساء المهاجرات قد یکسبن أکثر من بلدهن، إلا أنهن یعانین من التمییز، والاستغلال، والأجور المنخفضة، والعزلة الاجتماعیة، والإجهاد فی بعض أجزاء سوق العمل.
یعتقد البعض أن الهجرة یمکن أن تحسن استقلال المرأة ورأس مالها البشری واحترامها لذاتها وتمکینها فی الأسرة والمجتمع وتغییر الأعراف التقلیدیة وتعریفها بمعاییر اجتماعیة أکثر عدالة وحقوق المرأة، وإمکانیة الوصول إلى الموارد والفرص الاقتصادیة، بشرط توفیر المزید من فرص العمل لها. والتعلیم. عندما تعود النساء المهاجرات إلى وطنهن أو وطنهن، یکون معظمهن قد اکتسبن الاستقلال والمهارات والخبرة.
وحتى لو کانت الهجرة مفیدة، فإنها یمکن أن تؤدی إلى العدید من القیود مثل الأعراف الاجتماعیة والقوانین المحدودة أو أنواع التمییز العنصری والجنسی. وهذا على الرغم من أنه یجب احترام حقوق الإنسان لجمیع البشر، بغض النظر عن وضعهم کمهاجرین. یهاجر الرجال فی المقام الأول لأسباب اقتصادیة، ولکن تهاجر النساء فی الغالب لأسباب اجتماعیة وثقافیة. وفی الوقت نفسه، فإن موقف النساء المهاجرات أکثر حساسیة.
ولذلک فإن هجرة النساء غالباً ما تجعل ظروف الحیاة والعمل فی بلد المقصد أکثر صعوبة. على سبیل المثال، النساء أکثر عرضة للاعتداء الجنسی. فی العدید من البلدان، یکون التطبیق القانونی لمعاییر حقوق الإنسان فیما یتعلق بالأجانب، وخاصة المهاجرین غیر الشرعیین، غیر کاف أو محدود للغایة.
وضع إیران فی مجال الهجرة
تاریخیاً، کانت إیران مجتمعاً یقبل المهاجرین ولیس المهاجرین. الأمر المؤکد هو أن إیران دولة شابة فی مجال الهجرة ولا تمتلک تاریخ وتجربة الهجرة مثل الدول الغربیة التی واجهت هذه القضیة منذ قرون. ومن الواضح أن السیاسات التی وضعتها الدول الغربیة فی مجال إدارة المهاجرین الأجانب والمیزانیات التی تخصصها لمسألة الهجرة لیس لها تاریخ فی إیران. کما أن صیاغة السیاسات الاقتصادیة لهذه الدول لمواطنیها لا یمکن مقارنتها بإیران التی تخوض حرباً کلاسیکیة منذ 8 سنوات وعقدین من الحرب الاقتصادیة بسبب العقوبات الأحادیة.
أحد الاختلافات الأساسیة بین هیکل المهاجرین من العدید من البلدان والمهاجرین الإیرانیین هو أن المهاجرین الإیرانیین، حتى أفقرهم فی أوروبا الغربیة، وخاصة فی ألمانیا والدول الاسکندنافیة، یختلفون تمامًا عن المهاجرین فی أوائل ومنتصف القرن العشرین من أوروبا الشرقیة و آسیا إلى الدول المتقدمة. وکان مهاجرو هذه المجموعات الأخیرة فی معظمهم فقراء ولم یأخذوا معهم رؤوس أموال ولا یملکون رأس مال للعودة إلى بلادهم بل ویتسببون فی خسائر فی العدید من المجالات للدول المستقبلة. بالإضافة إلى ذلک، تلعب القضایا الأخلاقیة دورًا فی الهجرة فی بعض الحالات. لقد هاجر أصحاب التاریخ المالی أو السیاسی المظلم، وهم الیوم یستعرضون نجاحهم، بینما فی الواقع حاولوا مغادرة البلاد.
ویعمل عدد من وسائل الإعلام الغربیة، بهدف مناهضة إیران، على تضخیم المشاکل التی واجهتها فی الجدل الدائر حول الهجرة لعقود من الزمن. یواجه العدید من الشباب الإیرانی، وخاصة النساء الذین یهاجرون دون رأس مال مالی وعاطفی، تحدیات عقلیة وعاطفیة ومالیة شدیدة فی البلدان الأجنبیة. کثیر منهم یندمون على قراراتهم المتسرعة، فقط من باب الفخر یستمرون فی الوضع الفوضوی للعیش فی الخارج.
فی النقاش الدائر حول الهجرة، تتعلق القضیة بالواقع الذی نتعامل معه. فمن ناحیة، نشهد ضرر دولة ما من الهجرة على مصلحة الدول المستقبلة للهجرة من جذب رأس المال العلمی والثقافی والمالی للمهاجرین إلى بلدانها، ومن ناحیة أخرى، نشهد ضعفا المهاجرین بسبب قلة المعرفة والمعرفة الکافیة بشروط الهجرة والبصیرة من عیوبها.
ولحسن الحظ، رکزت سیاسة حکومة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة على جذب الإیرانیین فی الخارج، ومن خلال توضیح مساوئ الهجرة، التی تزایدت بسبب الدعایة المناهضة لإیران، یمکن أن تجعل الشباب على بینة من فقاعة المدینة الفاضلة یتخیلون . .
معصومه سیف افجه ای، مدیرة قسم حقوق الإنسان ودراسات المرأة
"إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"