تحسین علاقات المملکة العربیة السعودیة مع جمهوریة إیران الإسلامیة أسبابها وعواقبها

بعد أکثر من ۷ سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسیة ، فی مارس ۲۰۲۲ ، أصدرت إیران والسعودیة ، بوساطة الصین ، بیاناً فی بکین ، أعلنت فیه استئناف العلاقات الثنائیة ، وإعادة فتح سفارتی البلدین فی مستقبل القریب العاجل.
20 رمضان 1444
رویت 567
حمیدرضا بداقی

بعد أکثر من 7 سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسیة ، فی مارس 2022 ، أصدرت إیران والسعودیة ، بوساطة الصین ، بیاناً فی بکین ، أعلنت فیه استئناف العلاقات الثنائیة ، وإعادة فتح سفارتی البلدین فی مستقبل القریب العاجل. فی موقف أعلن فیه محمد بن سلمان ولی عهد المملکة العربیة السعودیة فی مقابلة مع شبکة السعودیة عام 2017 أن التطرف فی إیران یشکل عقبة أمام الحوار بین البلدین وهدد بإدخال الحرب إلى إیران ، وکذلک قال وزیر خارجیة المملکة العربیة السعودیة فی فبرایر 2019 ، واعتبره قو عدیم الجدوى ومضیعة للوقت مع إیران ، وهو أمر مشکوک فیه ، ما سبب التحول فی السیاسة الخارجیة السعودیة والموافقة على استئناف العلاقات مع جمهوریة إیران الإسلامیة؟

 هل حققت السعودیة ما أرادت بقطع العلاقات مع إیران ، أم أن السیاسات الإقلیمیة والعالمیة دفعت الریاض للعودة عن مسارها السابق؟ هل تغیرت السیاسة الخارجیة للمملکة العربیة السعودیة فیما یتعلق بإیران فقط ، أم أنها تغیرت أیضاً بالنسبة لدول أخرى فی المنطقة؟ الإجابة على هذا السؤال مهمة بمعنى أنه یمکن القول إن تحول السیاسة الخارجیة للمملکة العربیة السعودیة هو خطوة استراتیجیة طویلة الأجل أو خطوة تکتیکیة قصیرة المدى للتخلص من بعض المشاکل الداخلیة والخارجیة المحتملة.

یبدو أنه وفقاً للتطورات فی مجال العلاقات الدولیة منذ عام 2021 ، خاصة بعد وصول الدیمقراطیین إلى السلطة فی أمریکا ، فقد شهدت السیاسة الخارجیة للسعودیة تغیرات لیس فقط مع إیران ، ولکن أیضاً مع علاقات المملکة العربیة السعودیة مع قطر، الیمن ، سوریا والعراق. کما خیبة أمل توفیر الأمن من قبل أمریکا والاقتراب من الصین ومحاولة السعودیة استبدال نمط المواجهة بدلاً من الصراع فی العلاقات الإقلیمیة وضرورة الاستقرار لتحقیق التنمیة الاقتصادیة وتعتبر رؤیة 2030 من أهم أسباب تحول السیاسة الخارجیة السعودیة.

 أسباب تحول السیاسة الخارجیة السعودیة

  •  انتصار الدیمقراطیین فی أمریکا:

بسبب الهیکل الخاص للسلطة فی المملکة العربیة السعودیة ، عادة ما یکون للحکومات الجمهوریة للولایات المتحدة علاقات أفضل مع الریاض وإنشاء حکومات دیمقراطیة فی الولایات المتحدة تؤکد على شعارات مثل الدیمقراطیة وحقوق الإنسان، تتعرض السعودیة لضغوط وقیود فی السیاسة الخارجیة والداخلیة. بعد أقل من شهر من دخول بایدن البیت الأبیض ، ألغت واشنطن دعمها للعملیات العسکریة لدول التحالف فی الیمن وبیع الأسلحة للسعودیة والإمارات ، حتى عقود بیع الأسلحة التی تم توقیعها  فی عهد ترامب، و تم حظره بهدف إیجاد حل دبلوماسی للأزمة الیمنیة.

 اعتقدت حکومة بایدن أیضاً أن الدول المتحالفة مع الولایات المتحدة ، مثل المملکة العربیة السعودیة ، یجب أن تضمن أمنها من خلال التوازن الإقلیمی. الإعراب عن اهتمام حکومة بایدن بتنشیط خطة العمل الشاملة المشترکة والتأکید على استراتیجیة الأمن القومی الأمریکی بالترکیز على الصین وروسیا وتغیر المناخ والتعامل مع انتشار الأمراض المعدیة وتجاهل أمن دول مثل السعودیة والتقارب المفرط للسعودیة من ترامب والقتل الشنیع لجمال خاشقجی على ید عناصر الأمن السعودی، کان أحد العوامل هو النظرة السلبیة لإدارة بایدن تجاه المملکة العربیة السعودیة. على هذا الأساس ، بعد فوز بایدن مباشرة ، رأینا تغییرات فی السیاسة الخارجیة للمملکة العربیة السعودیة وتحسنًا فی علاقات ذلک البلد مع قطر ، والحوثیین فی الیمن ، والجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة ، وسوریا ، والعراق ، وترکیا و... .

  •  خیبة أمل توفیر الأمن من قبل أمریکا والاقتراب من الصین:

منذ عام 1943 ، عندما أعلن الرئیس روزفلت أن الدفاع عن المملکة العربیة السعودیة أمر حیوی للولایات المتحدة، أصبحت السیاسة النفطیة ضد الأمن الجزء الرئیسی من استراتیجیة الأمن القومی السعودی. فی السنوات الأخیرة ، ومع انکشاف نهایة حقبة النفط فی المستقبل القریب ، بدأت أمریکا فی استخدام احتیاطیاتها النفطیة الاستراتیجیة وتحولت من مستورد إلى أحد أکبر منتجی النفط بل ومصدریه فی العالم ، ولم تعد هناک حاجة لشراء النفط السعودی. صعود قوة الصین فی السنوات الأخیرة دفع أوباما إلى اقتراح سیاسة الانسحاب من غرب آسیا وضرورة الترکیز على شرق آسیا. إن تقلیص القوات الأمریکیة فی العراق والانسحاب المفاجئ من أفغانستان أمثلة على جدیة أمریکا فی تنفیذ هذه الاستراتیجیة. وفی ذروة علاقات السعودیة مع أمریکا فی عهد ترامب ، لم تتخذ واشنطن أی إجراء خاص للدفاع عن السعودیة ضد هجمات الحوثیین بالصواریخ والطائرات المسیرة على مدن ومنشآت أرامکو النفطیة وهجوم بطائرات مسیرة عراقیة على قصر الملک المملکة العربیة السعودیة.

خیبة الأمل من دعم واشنطن جعلت مساعی الریاض تقترب من الدول الآسیویة ، وخاصة الصین التی یشار إلیها بـ "المحور نحو آسیا". توقیع اتفاقیة شراکة استراتیجیة مع الصین ، وإبرام عقود اقتصادیة ودبلوماسیة ودفاعیة مع مالیزیا وإندونیسیا والهند وکازاخستان وبنجلادیش ، وجهود الریاض للانضمام إلى المنظمات الدولیة غیر الغربیة مثل منظمة شنغهای وکتلة البریکس ، التزام الریاض بربط رؤیتها لعام 2030 بمبادرة الحزام والطریق الصینیة (BRI) ، قبول الصین کوسیط موثوق لتحسین العلاقات مع جمهوریة إیران الإسلامیة ، ونشر بعض الأخبار حول قبول المملکة العربیة السعودیة للیوان کعملة أساسیة لمبیعات النفط ، یعد التحالف التجاری مع الصین وباکستان و 4 دول أخرى ، وتعاون المملکة العربیة السعودیة مع روسیا وأوبک بلاس لخفض ملیون وستمائة ألف برمیل من النفط و.. ، من بین أهم الأمثلة على استراتیجیة السیاسة الخارجیة الجدیدة للمملکة العربیة السعودیة.

  • جهد المملکة العربیة السعودیة لاستبدال نموذج التفاعل والمنافسة بدلاً من المواجهة والصراع:

فی السنوات الأخیرة ، لم تحقق السعودیة أی نتائج فی قضایا إقلیمیة مثل الیمن وسوریا والعراق ولبنان وغیرها من خلال تبنیها استراتیجیة الصراع مع إیران وجبهة المقاومة ، التی لا مجال لأی تعاون فیها. یبدو أن المملکة العربیة السعودیة ، فی استراتیجیتها الجدیدة فی السیاسة الخارجیة ، قد استبدلت الصراع باستراتیجیة التفاعل والمنافسة ، حیث توجد إمکانیة للتعاون أثناء المنافسة.

  • ضرورة الاستقرار لتنفیذ المشاریع التنمویة:

الشرط الأساسی لتنفیذ خطة المملکة العربیة السعودیة الطموحة لعام 2030 لتنمیة البلاد هو استقرار العلاقات الخارجیة. یبدو أنه بعد تحقیق الاستقرار الداخلی وتهدئة الأجواء الداخلیة الملتهبة بعد تولی محمد بن سلمان السلطة ، اتجهت الریاض نحو إرساء الاستقرار وتخفیف التوتر فی العلاقات الخارجیة الذی أحد الأجزاء المهمة فی هذه الاستراتیجیة هو تحسین العلاقات مع جمهوریة إیران الإسلامیة.

 لذلک ، فإن التحول فی السیاسة الخارجیة السعودیة لا یتعلق فقط بجمهوریة إیران الإسلامیة ، ونحن نشهد تراجعاً إقلیمیاً فی العلاقات الخارجیة السعودیة. سیؤدی تحسین العلاقات بین إیران والمملکة العربیة السعودیة إلى تحسین العلاقات مع دول منطقة الخلیج العربی والعالم العربی والعالم الإسلامی ، مما یجعل دول منطقة الخلیج العربی والشرق الأوسط أقرب إلى بعضهما البعض وسیصبح أمنها داخلیاً ، بل ویضعف میثاق إبراهیم وموقع الکیان الصهیونی فی المنطقة.

 رضا مصطفایی دهنوی، خبیر فی مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة

   "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

 

 

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است