کلمة وزیر الخارجیة فی منتدى طهران الثالث للحوار

ألقى وزیر الخارجیة الدکتور حسین امیرعبداللهیان، الیوم الاثنین، کلمة فی منتدى طهران الثالث للحوار.
26 جمادى الأولى 1444
رویت 1874

ألقى وزیر الخارجیة الدکتور حسین امیرعبداللهیان، الیوم الاثنین، کلمة فی منتدى طهران الثالث للحوار.

وفی ما یلی نص الکلمة:


بسم الله الرحمن الرحیم


الضیوف الکرام والأعزاء،
السفراء المحترمین المقیمین فی طهران،
الخبراء والأساتذة والزملاء الأعزاء،
السیدات والسادة،

یسعدنی أننا فی الاجتماع الثالث لمنتدى طهران للحوار. المنتدى الذی تم إطلاقه للحوار وتبادل الآراء وخلق جو من التفاهم، المنتدى الذی یتحدث فیه الخبراء والمفکرون وآمل أن یساعدنا هذا النوع من الحوارات جمیعا فی ان یکون لدینا منطقة أکثر هدوءا واستقرارا وعالماً أکثر سلاما.
یعقد منتدى طهران للحوار هذا العام حول مفهوم "سیاسة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة التی ترکز على الجوار والنهج نحو الصداقة وبناء الثقة" للتذکیر بأن حکومة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة قد اتخذت مفهوم الجوار کمحور لسیاستها الخارجیة وتفکر بکل قوة لبناء الثقة وتعزیز أسس الصداقة مع الجیران فی المنطقة وتتخذ خطوات قویة فی هذا الاتجاه.
السیدات والسادة،

فی غرب آسیا، المنطقة التی لطالما کانت تطوراتها ملیئة بالتحدیات ومؤثرة على مناطق أخرى، نعتبر جیراننا الذین تجمعنا معهم قواسم حضاریة وتاریخیة وثقافیة ودینیة، أشقاء لنا. نحن نعتبر أن أمنهم ورفاههم هو أمننا ورفاهیتنا. لطالما کانت إیران إحدى رکائز الأمن والاستقرار فی المنطقة وفی طلیعة محاربة إرهاب داعش کتهدید مشترک للمنطقة والإنسانیة جمعاء. لطالما کانت إیران فی طلیعة محاربة الإرهاب بجمیع أنواعه فی المنطقة والعالم.
ومن هنا أود عشیة ذکرى عملیة الاغتیال الامریکیة الجبانة واستشهاد بطلین عظیمین فی محاربة الارهاب ان أذکر الشهید ابو مهدی المهندس والشهید اللواء الحاج قاسم سلیمانی وأحی ذکرى هؤلاء الابطال العظماء حماة إیران والعراق وأمن المنطقة والعالم.
لطالما أکدنا أننا على استعداد لبناء الثقة والتعاون فی جمیع الأبعاد والمستویات مع جیراننا فی المنطقة، بما فی ذلک جیراننا فی الخلیج الفارسی، حتى یتم، مرة واحدة وإلى الأبد، التخلی عن فکرة "توفیر الأمن من خارج المنطقة "و ان یقوم التعاون بین دول المنطقة بتحقیق الأمن المستدام. فی هذا السیاق، أود أن أعلن أننا مستعدون لعقد اجتماع مشترک لوزراء الخارجیة والدفاع بین الجمهوریة الإسلامیة الایرانیة ودول الخلیج الفارسی وجیران آخرین. فی النظر إلى غرب آسیا، أشعر بضرورة التأکید على أن قضیة فلسطین والحقوق المنتهکة لشعبها المظلوم لا تزال تظهر نفسها بشکل مخجل على جبین الإنسانیة وأن کیان الاحتلال الصهیونی یواصل سیاساته العدوانیة والقمعیة فی ظل صمت ممنهج من قبل مدعی حقوق الإنسان.
الزملاء الاعزاء،
السیدات والسادة،

حکومة الرئیس السید الدکتور رئیسی، منذ بدایة العمل، شدت بحرارة على أیدی الجیران ولدینا الاستعداد للترکیز على المزید من الخطوات العملیة فی اتجاه التنمیة الثنائیة والإقلیمیة والدولیة للمضی فی طریق الحوار والتعاون البناء والمتنامی.

فی قضیة أوکرانیا، کانت سیاسة الجمهوریة الإسلامیة الایرانیة متسقة ومستمرة منذ بدایة الأزمة. کانت سیاستنا الأساسیة هی رفض استخدام القوة والتأکید على حل الصراع بالوسائل السیاسیة. منذ بدایة هذه الأزمة ، أکدنا الموقف القائل بأنه ینبغی النظر فی الهواجس الأمنیة المشروعة للطرفین وحلها من خلال الحوار. من ناحیة أخرى، نعتقد أن اتباع نهج أحادی البعد لهذه الأزمة لیس هو الحل. لذلک، یجب أیضا معالجة جذور الأزمة والسلوک غیر المسؤول لبعض الجهات الفاعلة فی خلق ارضیة للأزمة وتأجیجها وإثارة جانب واحد من الأزمة. والیوم نرى أن أوروبا تدفع ثمن سیاسات الولایات المتحدة التی تقف بعیدة عن نطاق الأزمة. ونؤکد على عدم صحة ادعاء تزوید الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أحد أطراف الأزمة بالسلاح والطائرات المسیرة، ونؤکد أن الضجة حول إرسال طائرات إیرانیة مسیرة، بینما وصلت الأسلحة بملیارات الدولارات من الدول الغربیة الى اوکرانیا لمواصلة الحرب، لیس لها غرض سوى التستر على تأجیج الغرب نار الحرب والعنف فی أوکرانیا.
الضیوف الأعزاء!
فی قضیة الطرق الإقلیمیة وأمن الطاقة، نؤمن بالتعاون ولعب دور إیجابی وبناء لجمیع البلدان فی المناطق المحیطیة من غرب آسیا إلى أوراسیا وربط واستکمال قدراتها المختلفة. ونؤکد على استعدادنا للعب دور بناء ومرکزی من قبل الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی تعزیز الطرق الإقلیمیة، ونشدد ونصر على ضرورة الحفاظ على الخطوط الجیوسیاسیة الحالیة فی منطقة القوقاز. الأمن قضیة متبادلة وبهذا المنطق، یتم توفیر الأمن عندما یتم توفیر الأمن للجمیع. ثم یتم توفیر أمن الطاقة على أعلى مستوى.

فی أفغانستان، رأینا أن عشرین عاما من وجود المحتلین لم تحقق أی نتائج من حیث توفیر الأمن والبنى التحتیة الاقتصادیة والرفاهیة للشعب الصبور فی هذا البلد، والآن یعیش شعب أفغانستان فی ظروف غیر مناسبة تماما و ظروف مقلقة. لقد غادرت أمریکا أفغانستان لکنها تسعى إلى استمرار وجودها فی هذا البلد وخلق تحد لدول المنطقة من خلال إصرارها واستخدام الجماعات الإرهابیة کأداة. نحن نعتبر شعب أفغانستان الذی نتشارک معه التاریخ والحضارة والثقافة والدین واللغة، کشعبنا، وعلى عکس المدعین الزائفین لحقوق الإنسان، نتصرف بمسؤولیة تجاه مصیرهم. فی العام ونصف العام الماضیین، استقبلت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة عددا کبیرا من اللاجئین الأفغان، وقبلتهم بسخاء بینما تعیش بلادی فی ظل أشد العقوبات قسوة. نعتقد أن الطریق إلى الاستقرار والأمن المستدام فی أفغانستان یتم من خلال إرادة وقرار شعب هذا البلد وتشکیل حکومة شاملة.
کما أود أن أشیر إلى الأحداث الأخیرة فی بلدی. کانت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، منذ بدایة وجودها، نظاما یقوم على العمل الجماعی والاعتماد على الشعب. فی نظام دیمقراطی وفی التطور التدریجی للدیمقراطیة، تعتبر التذبذبات قضیة طبیعیة. کما رأینا فی بعض البلدان الأخرى ونراه الآن.

لکن المشکلة للأسف أن المطالب السلمیة للشعب والتطورات الداخلیة للدول یجب ألا یسیء الآخرون استخدامها کأداة لتصفیة حسابات سیاسیة. المواقف والتدخلات غیر المسؤولة والعبثیة لأمریکا وبعض الدول الغربیة - التی شارکت فی الاحتجاجات الداخلیة لفترة طویلة وتتفاعل بأشد الطرق مع أی عمل عنیف ضد الشرطة - قامت فی إثارة الاضطرابات فی إیران من خلال الوسائل السیاسیة والحرب المعرفیة والإعلامیة والمرکبة، واستخدمت قصارى جهودهما لزعزعة استقرار بلدی.

حذرت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة الأطراف المتدخلة من أی تدخل فی شؤونها الداخلیة وترصد بدقة هذا التدخل غیر المشروع وستتعامل معه بقوة. إن الشعب الإیرانی، بما فی ذلک الرجال والنساء والشباب، یدفع ثمن استقلاله منذ أربعة عقود وهو ملتزم تمامًا بفکرة لا الشرق ولا الغرب فی طریق الاستقلال السیاسی. وفی الوقت نفسه یرحب بتطویر وترسیخ العلاقات السیاسیة والاقتصادیة والتجاریة والثقافیة مع شرق وغرب العالم انسجاما مع المصالح الوطنیة.

إن النساء والشباب فی بلدی جزء نشط ودینامیکی وفعال من المجتمع وأحد أهم قوى الدفع فی التقدم والتنمیة. لطالما تم حل التحدیات والمشاکل فی الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة من خلال التفاهم والتعاون بین الشعب والحکومة. یجب على الدول التی استضافت الإرهابیین أو تشجع الإرهاب الاقتصادی والإعلامی وتروج للعنف أن تلاحظ أن الإرهاب وانعدام الأمن یشکلان تهدیدا عالمیا. لا یمکن الجلوس فی منزل زجاجی ورمی الحجارة على الآخرین دون أن تؤذی نفسک.

الزملاء الاعزاء،
السیدات والسادة،

من جهة، تتحدث أمریکا الیوم عن المفاوضات النوویة والوصول إلى الخطوات النهائیة للاتفاق، ومن جهة أخرى، فإنها تدعم خلق حالة من عدم الأمن وزعزعة استقرار إیران. یجب أن تنتهی هذه السیاسة المنافقة، وإذا حدث ذلک وسعت الولایات المتحدة بواقعیة إلى التوصل إلى اتفاق والعودة إلى التزاماتها فی خطة العمل الشاملة المشترکة، فإن الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة مستعدة أیضا وترحب بالخطوات النهائیة للاتفاق لرفع العقوبات وعودة جمیع الأطراف إلى التزاماتها. نحن الآن فی مسار التبادل المستمر للرسائل والتشاور والتعاون المستمر مع الممثل الاعلى للسیاسة الخارجیة للاتحاد الأوروبی. بالأمس، أجرى نائب المدیر العام للوکالة الدولیة للطاقة الذریة محادثات بناءة وتطلعیة مع زملائی فی منظمة الطاقة الذریة.
أود أن أؤکد هنا أننا رحبنا على الدوام بتعاون الصین الإقلیمی مع المنطقة. فی السنوات الأخیرة، رفعت طهران وبکین علاقاتهما إلى مستوى تعاون استراتیجی طویل الأمد. فی الأسبوع الماضی، أجرى ممثلان رفیعان من إیران والصین محادثات فی طهران لمتابعة تنفیذ الخطة الشاملة المشترکة للتعاون الاستراتیجی بین البلدین. نحن نتحرک قدما بسرعة وبشکل شامل فی تنفیذ برنامج التعاون الذی مدته 25 عاما. لم نتوقع فی هذا الجو من التعاون أن یتم نسخ وتکرار بیان اجتماع وزراء خارجیة المنطقة والصین عام 2014 بشأن الجزر التابعة تاریخیاً وإلى الابد للجمهوریة الإسلامیة الایرانیة.

أعلنا وأبلغنا استیاءنا واحتجاجنا عبر القنوات الدبلوماسیة بشکل رسمی من خلال ارسال مذکرة رسمیة إلى الجانب الصینی. وأکدنا على استمرار العلاقات الاستراتیجیة مع الصین، قلنا بوضوح أننا لا نجامل أی طرف فی مسار الحفاظ على وحدة أراضی الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة. ونعرب عن امتناننا لقیام السلطات الصینیة المعنیة بتصحیح هذا الخطأ فی الاجتماعات الرسمیة للمبعوث الصینی مع رئیس الجمهوریة المحترم والنائب الأول لرئیس بلدی وفی اجتماعات السفیر الصینی وکبار المسؤولین الصینیین فی بکین مع سفیر ایران فی هذا البلد.

فی الختام أود أن أؤکد أن العراق یلعب دوراً مهماً فی منطقة غرب آسیا. لقد أوجد الموقع الجیوسیاسی والجیواستراتیجی للعراق امکانیة لهذا البلد الصدیق والشقیق فی جوارنا من أن یوضع التعاون الإقلیمی وجهود العراق لتطویر وتعزیز التعاون الإقلیمی الشامل، الیوم باستخدام قدرة العراق وموقعه على جدول اعمال المنطقة.

سیلتقی قادة ووزراء خارجیة دول المنطقة غدا فی اطار مؤتمر بغداد 2 فی الأردن الهاشمیة، وهذا یدل على أن العراق بعد أن مر بأزمات مختلفة أصبح الآن فی وضع یعود فیه إلى مکانته الطبیعیة والإقلیمیة. فی الختام أود مرة أخرى أن أشکر السیدات والسادة والضیوف الکرام والحضور المحترم فرداً فرداً على الحضور وأنا على یقین من أن حواراتکم الیوم فی شکل جلسات تخصصیة ستفتح الطریق أمامنا جمیعاً.
شکراً،
والسلام علیکم و رحمه الله و برکاته.

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است