حرب البحر الأسود: المتوقعة من أوکرانیا إلى أوروبا المهتزة

بینما فشلت الجهود الدبلوماسیة المکثّفة لمنع الحرب وشن الجیش الروسی هجمات على أوکرانیا، تواصل القوة الناعمة للغرب شن الحرب، وخاصة الأمریکیین، وترید استمرار الضغط على روسیا.
27 رجب 1443
رویت 1354
علی‏ بمان اقبالی زارتش

بینما فشلت الجهود الدبلوماسیة المکثّفة لمنع الحرب وشن الجیش الروسی هجمات على أوکرانیا، تواصل القوة الناعمة للغرب شن الحرب، وخاصة الأمریکیین، وترید استمرار الضغط على روسیا. وفی هذا الصدد، أخبر جو بایدن نظیره الأوکرانی فی إتصال هاتفی أنّ تواصل الدبلوماسیة لردع روسیا. کما وعد مرارًا وتکرارًا برد أمریکی سریع وحاسم بالتنسیق مع حلفائه فی حالة الغزو الروسی، وأکد للرئیس الأوکرانی أن واشنطن تدعم سیادة أوکرانیا وسلامة أراضیها. کما أشار زیلینسکی إلى أهمیة الجهود الأمریکیة لتعزیز الدعم الدولی لأوکرانیا، وأشاد بالتعاون النشط مع الولایات المتحدة فی مجال الأمن والدفاع، مما یساعد على تعزیز قدرات القوات المسلحة الأوکرانیة.

فی الوقت نفسه، کانت أوروبا تختبر فرصها فی تخفیف حدة التوترات، فضلاً عن الجهود الدبلوماسیة التی یبذلها الرئیس الفرنسی إیمانویل ماکرون لمنع تصعید التوترات فی أوکرانیا وعدة جولات من المحادثات الهاتفیة وجهاً لوجه مع فلادیمیر بوتین وأولاف شولز وفولودیمیر زیلینسکی، ومرّتین مع الرئیس الأمریکی جو بایدن، ولم ینجح الأمر، ومن المثیر للاهتمام أن الرئیس الروسی قال لماکرون فی خطاب عدوانی إن إرسال أسلحة غربیة إلى کییف سیخلق الظروف لشن هجوم محتمل فی دونباس. بالطبع، صرّحت الرئاسة الفرنسیة أننا نرید الحفاظ على موقف قوی ومنسق مع احتمال فرض عقوبات على روسیا فی حالة وقوع هجوم. والهدف هو تعزیز سیادة وأمن أوکرانیا.

فرنسا، باعتبارها أول قوة عسکریة ودبلوماسیة فی الإتحاد الأوروبی، لدیها العدید من الحوافز للعمل فی البحر الأسود وبشأن قضیة أوکرانیا ومناقشة الترتیبات الإستراتیجیة على الحدود الشرقیة للإتحاد الأوروبی، له دوافع کبیرة لأن مکانة فرنسا کقوة عالمیة لا تسمح لها بعدم الاهتمام بمثل هذه الأزمة، لا سیما أنها على أبواب أوروبا ومحاذیة لشرق البحر الأبیض المتوسط. وترتبط المنطقة التی تعد إحدى أولویات السیاسة الخارجیة والأمنیة لباریس، وهی منطقة من أولویات السیاسة الخارجیة والأمنیة لباریس

وتعتزم إرسال قوات إلى رومانیا لإثبات قدرة فرنسا على المشارکة فی التوازنات الإقلیمیة الاستراتیجیة. فی الوقت نفسه، یعد هذا النهج جزءًا من استراتیجیة البلاد لتولی مسؤولیات إضافیة فی الإتحاد الأوروبی واحتلال المساحة الحرّة المُتبقیة من الإنسحاب البریطانی.

لکن الوضع مختلف فی حالة ألمانیا: فقد أظهر المحرک الإقتصادی والصناعی الأوروبی، من خلال الإشارات المعطاة بوضوح أنه یرید الحفاظ على المصالح الحیویة للتعاون مع الإتحاد الروسی. إن رفع حظر تورید الأسلحة عن أوکرانیا إشارة سیاسیة مهمة. لکن المحادثات بین القادة الألمان والروس فی موسکو، على الرغم من غرس أجواء الهدوء فی الأزمة، فشلت فی منع الحرب. لذلک، بضغط الاتحاد، ستوافق هذه الدولة قریبًا على فرض عقوبات بإغلاق سویفت وأجوائها على الطائرات الروسیة.

فی حالة القوى الأصغر، فإنّ إیطالیا أقل قلقًا لأن جزءًا کبیرًا من بیئتها السیاسیة والتجاریة مؤید لروسیا، وبالتالی تتجنب موقفًا داعمًا غیر مشروط بشأن أوکرانیا. وبطریقة ما، فإنها تُبقی أوروبا منفتحة على حل وسط مع روسیا. من بین جیران الأصغر، کانت المجر نشطة بشکل خاص فی أزمة البحر الأسود. وسافر رئیس الوزراء فیکتور أوربان مع وزیر الخارجیة لإیصال رسالة سلام إلى قادة الکرملین. فی الوقت نفسه، فإن کثافة الاتفاقیات الاقتصادیة الموقعة لها أهمیة سیاسیة قصوى فی مثل هذا الوضع الحرج. من ناحیة أخرى، کانت بولندا فی موقف معاکس تمامًا، على الرغم من وجودها فی مجموعة فیشغراد وتقاربها الأیدیولوجی بین حکومة ماثیو موراوسکی وحکومة فیکتور أوربان.

منذ تصاعد الأزمة، یعرب رئیس بولندا عن دعمه وتضامنه مع نظیره الأوکرانی. کما زار جورجیا، وهی دولة أخرى معرّضة بشدة لأی أزمة بین الغرب والإتحاد الروسی. جهود وارسو الإقلیمیة ودورها النشط واضحان فی دعوة الرئیس الأمریکی بایدن للتشاور مع الحلفاء الأوروبیین الرئیسیین، وکذلک فی إعادة تنشیط محور ألمانیا وفرنسا وبولندا، ومما لا شک فیه أنه لن یکلف نفسه عناء المساعدة فی دعم کییف. وتجدر الإشارة أیضًا إلى زیارة رئیس الوزراء الهولندی مارک روته إلى کییف وتشیسیناو. من الممکن أن یکون جزءًا من الإستراتیجیة الأوسع لهولندا، بعد الانتخابات، هو العمل کقوة وسطى لتقویة صورتها الأوروبیة. کما أعربت بلغاریا ورومانیا عن تضامنهما الکامل مع أوکرانیا من خلال قبول معدات الناتو بکاملها وإجراء مشاورات سیاسیة مختلفة مع المسؤولین الأوروبیین والأمریکیین، وفی أیام الحرب، فی جغرافیا أوکرانیا، یلعبون دورًا مهمًا فی نقل معدات الناتو إلى هذا البلد. فی الوقت نفسه، فتح معظم جیران أوکرانیا الغربیین حدودهم لقبول المهاجرین ولدیهم تسهیلات لاستقبالهم.

بشکل عام، کان نهج الإحتلال العسکری أقل نجاحًا فی الألفیة الثالثة، والحقیقة المهمة هی أنّه فی السنوات الأخیرة أصبح الإتحاد الأوروبی مجزأً ولیس لدیه سیاسة خارجیة مشترکة ولا یمکنه المساعدة بسرعة وسهولة فی تحسین حالة الأزمة والحرب على حدود أوکرانیا. انضمت فرنسا وألمانیا وإیطالیا وبولندا والمجر إلى الناتو، على الرغم من التضامن الکامل من جانب منظمة حلف شمال الأطلسی، فی نفس الوقت الذی أعرب فیه رئیس المفوضیة الأوروبیة ومنسق السیاسة الخارجیة عن دعمه لأوکرانیا وحذر روسیا من تصعید العقوبات الشدیدة، فإن مقاربات فرنسا وألمانیا وإیطالیا، وبولندا والمجر مختلفان بشکل متساوٍ فی الناتو، على الرغم من التضامن الکامل لمنظمة حلف شمال الأطلسی، تم توضیح هذه المسألة أیضًا فی المقابلة الأخیرة لنائب الأمین العام لحلف الناتو میرسیا جوانا مع فرانس 24.

ومع ذلک، فقد دفع الدعم الأوروبی الناعم المسؤولین فی کییف إلى السعی إلى حل دبلوماسی مؤقت بدلاً من حل صارم ضد روسیا. لکن مع استمرار الصراع ستُغلق أبواب المفاوضات الأخیرة. خلاصة القول هی أنّه إذا تمکّنت أوکرانیا من مقاومة الجیش الروسی لبضعة أیام أخرى، فسیتم بالتأکید تهیئة الظروف لحرب استنزاف، وسیزید تکثیف المساعدات العسکریة الغربیة من صعوبة احتلال روسیا بالکامل لأوکرانیا. والأهم من ذلک، أن آثار العقوبات الاقتصادیة والمالیة قد أصبحت ملموسة بدرجة أکبر وقد تعزز أیضًا الحرکات المناهضة للحرب فی المجتمع المدنی الروسی.

 علی بمان اقبالی زارتش، خبیر الأول فی الشؤون الأوروبیة

  "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است