لمحة عامة عن الوضع الاجتماعی للمرأة فی إیران

إن نطاق الحقوق الاجتماعیة للمرأة فی إیران واسع جدًا. یمکن رؤیة شکله الأوسع فی میثاق حقوق ومسؤولیات المرأة فی الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، الذی وافق علیه المجلس الأعلى للثورة الثقافیة فی عام ۲۰۰۵، والذی یغطی مجموعة واسعة من القضایا بما فی ذلک الصحة، والحقوق الثقافیة، والحقوق الاقتصادیة والسیاسیة، وحقوق المرأة القضائیة.
20 جمادى الثانية 1443
رویت 1249
معصومه سیف افجه ای

إن نطاق الحقوق الاجتماعیة للمرأة فی إیران واسع جدًا. یمکن رؤیة شکله الأوسع فی میثاق حقوق ومسؤولیات المرأة فی الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، الذی وافق علیه المجلس الأعلى للثورة الثقافیة فی عام 2005، والذی یغطی مجموعة واسعة من القضایا بما فی ذلک الصحة، والحقوق الثقافیة، والحقوق الاقتصادیة والسیاسیة، وحقوق المرأة القضائیة.

فی نهایة حقبة ما بعد الإصلاح، رأینا موجة جدیدة رافقت وتزامنت مع موجة الدمقرطة. خلال هذه الفترة، رأینا أنه فی خطة التنمیة تمت الموافقة على تخصیص 30٪ من المناصب الإداریة فی الدولة للمرأة، وطالب جهاز الشؤون الإداریة والتوظیف، طالب الجهاز الإداری فی الدولة بزیادة نصیب المرأة فی المناصب الإداریة إلى 30٪. والأهم من ذلک، فی الفترتین الحکومیتین السابقتین، قبل الإصلاحیون نسبة 30 فی المائة من النساء سواء فی البرلمان أو فی انتخابات المجالس.

فی هذا المقال القصیر، لا نحاول معالجة أبعاد النقاش حول حقوق الإنسان أو القضایا الفقهیة والقضائیة المتعلقة بالمرأة الإیرانیة، لکنها محاولة لإعطاء صورة للوضع الاجتماعی الحالی والتوظیف السیاسی للمرأة الإیرانیة ومقارنتها بعدد من الدول الآسیویة والأوروبیة (خاصة فرنسا) یتم استخلاصها من خلال التجربة والبحث المیدانی فی هذه الدول. رغم أنه بعد الثورة الإسلامیة الإیرانیة، سُمعت انتقادات کثیرة لوضع المرأة الإیرانیة فی وسائل الإعلام الغربیة، إلا أن هذا المقال یحاول الإشارة إلى حقوق المرأة فی الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بنظرة واقعیة.

فی علم النفس، هو مصطلح یُقال: "یجب مقارنة کل شخص بماضیه ولیس بآخر". وعلیه، یجب مقارنة النساء الشرقیات والآسیویات فی الدول الإسلامیة بماضیهن، ولیس بوضع المرأة فی الدول الغربیة. وهکذا، ربما لوصف الوضع الاجتماعی للمرأة الإیرانیة، یمکن تقسیمه إلى فترتین قبل الثورة الإسلامیة وبعدها.

على الرغم من الدعایة العدیدة حول النشاط الأکبر للمرأة الإیرانیة قبل الثورة الإسلامیة، تجدر الإشارة إلى أنه نظرًا للمجتمع التقلیدی والدینی فی إیران، لم یتم تشجیع العدید من الفتیات قبل الثورة الإسلامیة من قبل أسرهن على مواصلة تعلیمهن فی الجامعة والعمل، والسبب یعود إلى الظروف البیئیة ومعارضة الحجاب.

على الرغم من الانتقادات الموجهة للحجاب الإسلامی فی فترة ما بعد الثورة، إلا أنه یجب معالجة جوانب إیجابیة منه. ومن بین هؤلاء، یأتی الاهتمام بنسبة الطالبات فی الجامعات وتوظیفهن ووجودهن الاجتماعی فی المقدمة.

فی العقد الأول من القرن الحادی والعشرین، تم إجراء مقارنة میدانیة بین نسبة مشارکة الفتیات الإیرانیات والترکیات فی الجامعات الإیرانیة والترکیة کدولتین آسیویتین یسکنهما مسلمون. کانت هذه المقارنة مهمة لأن ترکیا فی ذلک الوقت کانت تحاول الوصول إلى المعاییر الأوروبیة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبی قبل 2014.

فی ذلک الوقت، عندما التحقت حوالی 60 فی المائة من الفتیات الإیرانیات بالجامعات الإیرانیة، کان 17 فی المائة فقط من الفتیات فی ترکیا حاصلات على شهادة جامعیة أو تعلیم العالی. یعود سبب ذلک إلى الجذور الدینیة للمجتمع الترکی. فی ترکیا فی عام 2002، مع الإعلان عن سیاسات الحکومة العلمانیة، مُنعت العائلات المتدینة الترکیة من السماح لبناتها بدخول الجامعات بسبب حظر الحکومة للحجاب. وینطبق الشیء نفسه على المسلمین الذین یعیشون فی أوروبا، وبسبب حظر ارتداء الحجاب للفتیات، على سبیل المثال فی الجامعات الفرنسیة، فإن معظم الفتیات المسلمات فی هذا البلد لیس لدیهن مستوى تعلیم العالی. وقد أدى ذلک إلى إذلال وتخلف الجالیة المسلمة فی فرنسا.

على سبیل المثال، فی مؤتمرات قضایا المرأة المنعقدة فی فرنسا، تُسأل قضایا المرأة الإیرانیة عن سبب عدم تفاعل المرأة الإیرانیة مع النساء فی البلدان المجاورة. الجواب على هذا السؤال واضح جدا. إن الاتجاه نحو تحسین الوضع الاجتماعی للمرأة الإیرانیة لیس مثل ما هو علیه الحال فی دول الجوار، والذی تم إملاءه من الخارج للنظر فی حصة للمرأة. فی إیران، حدث هذا من الداخل وعلى أساس الدینامیکیات الاجتماعیة داخل البلاد، کما یتضح من قرار الحکومة بزیادة حصة المرأة فی المناصب الإداریة بنسبة 30٪. ما حدث فی إیران الیوم هو أن التغییرات فی السیاسة تحدث بالکامل على أساس الدینامیکیات الداخلیة.

بعد الثورة الإسلامیة، المرأة الإیرانیة فی جمیع المجالات من المجالات الثقافیة (السینما والفن والمشارکة السنویة فی المهرجانات وبعیدا عن العرض للأغراض السیاسیة) إلى البطولات فی الریاضة، واکتساب مرتبة فی الأولمبیاد العلمی، وریادة الأعمال، وتصمیم الأزیاء، والهندسة المعماریة الداخلیة، والکتابة، قیادة وإدارة الرحلات مع تعلم اللغات الأجنبیة وترقیة الرتب الدبلوماسیة فی وزارة الخارجیة وما الى ذلک من نساء، قد تجاوزت الدول المجاورة ومنطقتهم (أفغانستان والعراق والدول العربیة فی  الخلیج الفارسی وحتى من ترکیا وطاجیکستان و ...). نفس النمو الاجتماعی للمرأة الإیرانیة التی تم إهمالها عن عمد بعیدًا عن أعین وسائل الإعلام الغربیة، حول الانفتاح الاجتماعی لوجود المرأة فی المجتمع السعودی وتمکینها من القیادة، باعتباره إنجازًا مهمًا فی الإصلاح الثقافی و 2030 الرؤیة. ما لم یمنع من الإیرانیات منذ سنوات.

قضیة أخرى هی الترکیز على العنف المنزلی. على الرغم من کل الحریات الاجتماعیة وحقوق الإنسان التی تعمل یومیًا لتعزیز حقوق المرأة والرجل وتعزیزها ومساواتها، على سبیل المثال فی بلد مثل فرنسا، فإن معدل العنف الأسری آخذ فی الازدیاد. تصاعد العنف وبلغ ذروته خلال  فترة الحجر الصحی فی أزمة کورونا، واضطرت الحکومة الفرنسیة إلى طرح أرقام هواتف طوارئ للسیدات للاتصال بالشرطة على الفور من المنزل. حتى طریقة الاتصال بالشرطة تم تصمیمها بحیث یتم طرح الأسئلة من قبل الشرطة ویجب أن تجیب المرأة أو الفتاة فی المنزل بـ "نعم أو لا" حتى لا تتعرض للضرب أکثر خوفاً من وجود رجل بجانبها، حتى وصول الشرطة إلى مکان الحادث.

تعتقد میشیل أندریه، رئیسة أمانة السر للمرأة ووزیرة الدولة السابقة لحقوق المرأة فی فرنسا، أن الرجال الفرنسیین یعاملون حیواناتهم الألیفة فی الأسرة بشکل أفضل بکثیر مما یعاملون شریکاتهم. وفقًا للإحصاءات، فإن 92٪ من حالات الضرب فی فرنسا تحدث فی المدن و وفقا للإحصاءات ، 92٪ من الضرب فی فرنسا یحدث فی المدن و 60٪ من الشکاوى یتم إبلاغ الشرطة بها لیلاً. وبحسب وزارة الداخلیة الفرنسیة، فقد توفی عام 2020 نتیجة العنف الأسری ما یعادل 102 امرأة، تتراوح أعمار معظمهن بین 18 و 40 عاما. وهکذا، حددت الحکومة الفرنسیة 82٪ من ضحایا العنف المنزلی من النساء.

فی إیران، جزء من الجماهیر لا یملک معلومات دقیقة عن الحیاة الاجتماعیة والمرأة فی البلدان الأخرى، وخاصة الدول الغربیة، ومعرفتهم بأوروبا تقتصر على إعلانات وسائل التواصل الاجتماعی، وهذا یسبب الکثیر من الضرر من خلال الهجرة لهم.

المهم فی إیران أنه فی شعارات الثورة الإسلامیة ومن وجهة نظر القیادة الثوریة، أصبحت الأهمیة بارزة فی أن الدین لم یعد یعارض وجود المرأة فی المجتمع. ما حدث فی إیران بعد الثورة الإسلامیة هو أن العائلات التقلیدیة، العائلات التی لا تنتمی إلى الجزء الحدیث من المجتمع، لم تعد تمنع وجود المرأة باسم الدین، ووجدت الفتیات الفرصة لدخول مجال التعلیم.

 خلال أکثر من أربعین عامًا منذ الثورة الإسلامیة، شهدنا تغیرات جادة فی مجال التعلیم والصحة والمعاییر المتعلقة بمجال المرأة، ویرجع جزء منها إلى التغییر فی موقف المجتمع الدینی الإیرانی، لقد تغیرت النظرة العامة وأتیحت فرص کبیرة للمرأة، لکن هذا لا یعنی أنه ستتم إزالة جمیع العقبات التاریخیة بمجرد عرض هذا الرأی. الظواهر التاریخیة لا تتغیر بسرعة. الأمریکیون أرسلوا قوات إلى أفغانستان وأطاحوا بطالبان، لکنهم الیوم یتفاوضون مع طالبان لأن طالبان فی أفغانستان واقع اجتماعی ووجود سیاسی. ظاهرة لایمکن تجاهلها وثقافة وجذور الدول لا یمکن تغییرها فی اسلوب الدیموقراطیة الغربیة.

تظهر الإحصائیات والدراسات العلمیة أنه فی الانتخابات البرلمانیة الإیرانیة والمجالس الإسلامیة للمدن والقرى، کانت هناک دائمًا علاقة متوازنة نسبیًا بین عدد النساء المرشحات وعدد النساء المنتخبات. أی، نفس النسبة التی لدینا تقریبًا نفس عدد المرشحات، نفس العدد تقریبًا فی البرلمان أو فی مجالس المدن. وفی هذا الصدد، شهدنا فی السنوات الأخیرة فی وزارة الخارجیة فتح وإزالة تدریجیة للحواجز التی تعترض حقوق المرأة السیاسیة. لابد من الاعتقاد بأن وجود المرأة فی المشهد السیاسی والاجتماعی للمجتمع لا ینبغی أن یکون شکلیًا فحسب، وأن المرأة الإیرانیة یجب أن تعتقد أنها اتخذت مسارًا متنامیًا مقارنة بالماضی.

 معصومه سیف افجه ای، مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة

    "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است