السید جو بایدن والسیاسة الخارجیة الأمریکیة

بالنظر إلى نجاح الحزب الدیمقراطی فی الفوز بمجلس الشیوخ الأمریکی، سیکون للرئیس القادم للولایات المتحدة، جو بایدن، قوة کبیرة فی تنفیذ السیاسات الداخلیة والخارجیة.
11 جمادى الثانية 1442
رویت 1386
سید وحید کریمی

بالنظر إلى نجاح الحزب الدیمقراطی فی الفوز بمجلس الشیوخ الأمریکی، سیکون للرئیس القادم للولایات المتحدة، جو بایدن، قوة کبیرة فی تنفیذ السیاسات الداخلیة والخارجیة. یمکن لطبیعة انتخاب أعضاء حکومة السید بایدن أن تحدد السیاسة الخارجیة المستقبلیة للإدارة الأمریکیة الجدیدة. یبدو أن السیاسة الخارجیة للإدارة الأمریکیة القادمة هی مزیج من المرونة والإبتکار فیما یتعلق بالقضایا المدرجة على جدول أعمال السید جو بایدن. من المرجح أن یظهر بایدن أقوى فی السیاسة الخارجیة للولایات المتحدة مما کان علیه فی عهد أوباما. ومع ذلک، نظرًا لإستعداد حلفاء الولایات المتحدة للإنخراط فی السیاسة الخارجیة، فمن المحتمل أن تواجه الإدارة الأمریکیة الجدیدة صعوبات خطیرة فی بناء الإجماع. فی غضون ذلک، یجب على السید بایدن اغتنام الفرصة لتنفیذ سیاسات معقولة ومربحة للجانبین على أساس تجارب السنوات الأولى لإدارة أوباما.

بالنظر إلى تفوق الحزب الدیمقراطی فی عدد المقاعد فی مجلس الشیوخ، سیکون للسید جو بایدن، الرئیس الأمریکی الجدید، قوة هائلة فی تنفیذ السیاسة الداخلیة والخارجیة. بالنظر إلى وعود حملة السید بایدن بالعودة إلى التعددیة ومعاهدة المناخ، والتأکید على احترام القانون الدولی والتعاون لإستعادة موقف أمریکا، من المتوقع أن لا یکون لدى إدارة السید جو بایدن أی عذر لعدم إعادة الولایات المتحدة إلى مسار سیاسی معقول قبل عهد دونالد ترامب. مسألة ما إذا کان السید بایدن سیصلح الصورة الباهتة للولایات المتحدة على مدى السنوات الأربع الماضیة؛ سیتم الکشف عنها فی خطابه الأول، والذی عادة ما یلقیه الرئیس فی جلسة استماع بالکونغرس فی الأشهر الأولى من السنة المسیحیة. أدلى المراقبون السیاسیون داخل وخارج الولایات المتحدة بعدد من التعلیقات حول استراتیجیة السیاسة الخارجیة للإدارة الأمریکیة الجدیدة وهم یعتقدون أن تشکیل حکومة السید جو بایدن، خاصة فی وزارة الخارجیة وبعثة الولایات المتحدة لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن القومی، ستعکس الإتجاه المستقبلی للسیاسة الخارجیة للحکومة الأمریکیة.

وفقا لنظریة المفکرین الأمریکیین، بالنظر إلى تکوین حکومة بایدن، یمکن التنبؤ بخط السیاسة الخارجیة للإدارة الأمریکیة الجدیدة. نظرًا للجمع بین الشخصیات السیاسیة مثل أنتونی بلینکین وویندی شیرمان فی وزارة الخارجیة وجاک سولیفان فی مجلس الأمن القومی وهما من صانعی القرار الرئیسیین فی السیاسة الخارجیة، یبدو أن هناک دمجًا لمبدأ "المرونة وإعادة التصمیم" حسب "الموضوع" على جدول الأعمال. سیاسة السید جو بایدن الخارجیة؛ وهکذا، فی الترکیبة المذکورة أعلاه، سیکون هناک نوع من التعاون مع الحلفاء فی التحالف العسکری لحلف شمال الأطلسی والاتحاد الأوروبی وبریطانیا وإسرائیل. لأن الدیمقراطیین فعلوا الشیء نفسه فی السیاسة الخارجیة فی الماضی. یقول مراقبون سیاسیون آخرون إن بایدن لن یتسرع فی تغییر سیاسات ترامب وسیستخدمها کوسیلة ضغط، سواء فی القضایا السیاسیة أو الأمنیة. النقطة الجدیرة بالملاحظة التی یمکن استخدامها فی التنبؤات هی تصریحات الرئیس الأمریکی السابق باراک أوباما بشأن السید جو بایدن. کتب باراک أوباما فی المجلد الأول من مذکراته السیاسیة: "عندما طلبت من جو بایدن الترشح لمنصب نائب الرئیس، وافق بایدن على شرط أن یکون آخر شخص فی مشاوراتی (أوباما)". بعبارة أخرى، لم یتجاهل أوباما بایدن فی صنع القرار فحسب، بل یمکن الإستنتاج أن جو بایدن لعب دورًا فاعلًا فی جمیع مراحل صنع القرار وتنفیذ السیاسة الخارجیة خلال إدارة أوباما. خلافًا للإعتقاد السائد بأن رئاسة بایدن ستکون الولایة الثالثة لإدارة اوباما فی البیت الأبیض؛ یبدو أن السید جو بایدن سیکون أکثر تصمیماً وقوة فی السیاسة الخارجیة الأمریکیة مما کان علیه فی عهد أوباما.

نقطة أخرى جدیرة بالملاحظة هی تأکید السید بایدن على التعاون مع الحلفاء فی إدارة السیاسة الخارجیة، والذی یبدو أنه یمثل إشکالیة بالنسبة لتأثیر الدول العربیة فی الخلیج الفارسی ونظام الصهیونی والدول الأوروبیة الثلاث بریطانیا وفرنسا وألمانیا فی مجموعة السیاسة الخارجیة للسید بایدن. الفرق بین إدارة بایدن وإدارة ترامب هو الفرق بین الأحادیة والتعددیة. من ناحیة أخرى، تعد تعددیة بایدن فی السیاسة الخارجیة إیجابیة مقارنة بترامب. ولکن من ناحیة أخرى، فإن تدخل دول الأخرى للتأثیر فی السیاسة الخارجیة للولایات المتحدة یمکن أن یسبب مشاکل. ستواجه صیاغة السیاسة الخارجیة للولایات المتحدة فی العلاقات مع الصین والإتحاد الروسی وجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة وغرب آسیا تحدیات خطیرة. فی هذا الصدد، یجب القول إنه على الرغم من السلطة التنفیذیة لإدارة بایدن فی خلق إجماع داخلی بین البیت الأبیض والکونغرس فی قیادة وتوجیه السیاسة الخارجیة، نظرًا لإستعداد حلفاء الولایات المتحدة للمشارکة فی السیاسة الخارجیة، لکن من المرجح أن إدارة بایدن تواجه تحدیات خطیرة فی بناء الإجماع.

یجب على السید بایدن أن یتذکر جیداً أول عامین من إدارة السید باراک أوباما، عندما کان البیت الأبیض والکونغرس فی أیدی الدیمقراطیین، لکن إدارة السید أوباما، التی شعرت بسعادة غامرة بفوزه، أضاعت الفرصة فی العامین الأولین من رئاسته ولم تستخدمها بشکل جید فی تنفیذ السیاسة الخارجیة. وبالتالی خسر الدیمقراطیون فی انتخابات الکونجرس النصفیة، وتم اعطاء الکونجرس للجمهوریین. وهکذا خضعت السیاسة الخارجیة لإدارة أوباما تدریجیاً لتغییرات لم یوافق علیها الدیمقراطیون فحسب، بل إن معظم السیاسات التنفیذیة لإدارة أوباما، تحت ذریعة الجمهوریین فی الکونجرس، تتفق مع إرادة الجمهوریین. لذلک، یجب على السید بایدن، بتجربة إهدار فرصة العامین الأولین من إدارة أوباما، أن یغتنم فرصة الـ 24 شهرًا الأولى من إدارته وأن یعمل على تنفیذ سیاسات معقولة تقوم على اتفاق یربح فیه الجمیع.

 سید وحید کریمی، خبیر أول فی دراسات أمریکا

      "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است