متطلبات عودة الولایات المتحدة إلى برجام (خطة العمل الشاملة المشترکة)

یعترف السیاسیون المدرکون للمفاوضات النوویة وبرجام (خطة العمل الشاملة المشترکة) بأنّ الإتفاق النووی هو انتصار ثمین وإنجاز عظیم للتعددیة والدبلوماسیة، ویمکن أن یظل نموذجًا لحل القضایا الدولیة المعقّدة الأخرى، إذا تمّ تنفیذه بشکل صحیح.
23 ربيع الثاني 1442
رویت 1993
کامبیز شیخ‏ حسنی

یعترف السیاسیون المدرکون للمفاوضات النوویة وبرجام (خطة العمل الشاملة المشترکة) بأنّ الإتفاق النووی هو انتصار ثمین وإنجاز عظیم للتعددیة والدبلوماسیة، ویمکن أن یظل نموذجًا لحل القضایا الدولیة المعقّدة الأخرى، إذا تمّ تنفیذه بشکل صحیح. تنفیذ القرار 2231 وأحکام الإتفاق النووی هو التزام الولایات المتحدة، وانسحابها من خطة العمل الشاملة المشترکة وانتهاکها من قبل إدارة ترامب هو إنتهاک واضح لحقوق الشعب الإیرانی کطرف فی هذه الإتفاقیة وعضو فی الأمم المتحدة والقانون الدولی والعلاقات الدبلوماسیة. لذلک، فإنّ عودة الولایات المتحدة إلى إلتزاماتها واحترام حقوق الشعب الإیرانی کطرف فی الإتفاق النووی ستکون بنّاءة. إنّ أفضل سلوک للولایات المتحدة وأوروبا وأکثرها قانونیًا هو عودتهم الفوریة للوفاء بالتزاماتهم بموجب القرار 2231 وبرجام، وجهودهم للوفاء بالوعد وإصلاح الضرر الذی لحق بالثقة والإقتصاد والعدید من الجوانب الأخرى للشعب الإیرانی على مدى العامین والنصف الأخیرین. یتّفق الجمیع على أنّ هذا لیس طریقًا سهلاً، وأی عائق أو إسراف أو حالة جدیدة ستجعل هذه العملیة الصعبة أکثر صعوبة وغیر بنّاءة.

تقترب خطة العمل المشترکة الشاملة أو برجام، من الذکرى السنویة الخامسة لتطبیقها فی ینایر 2021. فی هذه السنوات الخمس، حدثت أشیاء کثیرة کان لها تأثیر هائل على برجام، والجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة وأعضاء آخرین فی مجموعة 5 + 1 والمجتمع الدولی.

یتّفق جمیع الخبراء والسیاسیین المشارکین فی المفاوضات النوویة وبرجام بالإجماع على أنّ الإتّفاق النووی قد تمّ تفسیره على أنّه إنتصار ثمین وإنجاز عظیم للتعددیة والدبلوماسیة. وأنّه یمکن اعتباره نموذجًا لحل القضایا الدولیة المعقّدة الأخرى وبالتالی المساعدة فی تعزیز الأمن والسلام والقضاء على انعدام الأمن فی العالم، ولا یزال من الممکن، إذا تمّ تنفیذه بشکل صحیح.

کان الوضع جیدًا نسبیًا فی بدایة تنفیذ الإتفاق النووی، لکن بعد وصول دونالد ترامب إلى السلطة کرئیس للولایات المتحدة، هوجم کل شیء من قبله هو وإدارته. لقد انتهک الیمینیین الخارجین على القانون الذین وصلوا إلى السلطة، العدید من مبادئ العلاقات الدولیة وانسحبوا من المعاهدات الدولیة، مثل معاهدة باریس البیئیة أو حظر انتشار الصواریخ قصیرة المدى أو الأجواء المفتوحة.

عندما فشلوا فی إیجاد طریقة قانونیة لتعطیل برجام من داخل أو من خلال الوکالة الدولیة للطاقة الذریّة أو أعضائها الآخرین، إنسحبوا منها، خلافًا لجمیع التزاماتهم والقوانین والأعراف الدولیة وانتهکوا ذلک علانیة.

واشنطن إتّبعت سیاسة الضغط الأقصى ولم تستأنف العقوبات من جانب واحد فقط، خلافًا لالتزاماتها، ولکن من خلال إنفاذ قوانینها الخاصة خارج الحدود الإقلیمیة، واستخدام الدولار کسلاح وسیاسة منهجیة للترهیب والتعطیل والغرامات، لمنع جمیع دول وشرکات العالم من التعاون مع إیران.

بسبب المقاومة الإستراتیجیة للشعب الإیرانی، فشلت سیاسة الولایات المتحدة وحلفائها فی ممارسة أقصى قدر من الضغط على الشعب الإیرانی وإجبار الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة على إعادة التفاوض والأهداف المعلنة الأخرى لهذه السیاسة، والتی استمرت وتکثّفت بوحشیة حتى خلال الفترة الصعبة لوباء کورونا، ووفقًا لجمیع الخبراء المطّلعین دولیًا، لم تحقّق أهدافها، لکنها فشلت فشلاً ذریعًا. ومع ذلک، هذه السیاسة اللاإنسانیة وغیر القانونیة، والتی تتعارض مع إلتزامات حکومة الولایات المتحدة، ألحقت أضرارًا مادیة وروحیة لا یمکن إصلاحها بأمة إیران العظیمة والنمو الإقتصادی والإجتماعی والعلمی وتطور بلدنا.

کعضو فی الأمم المتحدة، تلتزم الولایات المتحدة بالإمتثال للمیثاق وتنفیذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. إن تنفیذ القرار 2231 وأحکام برجام هو التزام الولایات المتحدة، وانسحابها من برجام وانتهاک أحکامه من قبل إدارة ترامب هو انتهاک واضح لحقوق الشعب الإیرانی، لأنّ إیران طرف فی إتفاقیة برجام وعضو فی الأمم المتحدة، والتی کانت ملتزمة دائمًا بالقوانین الدولیة والعلاقات الدبلوماسیة.

لا تزال إیران العضو الأکثر التزامًا فی إتفاقیة برجام، على الرغم من خرق الولایات المتحدة لالتزاماتها، والتقاعس الأوروبی عن العمل، وتکبّدها تکالیف باهظة. أکّدت الوکالة الدولیة للطاقة الذریّة، فی 16 تقریرًا حتى مایو 2018، إلتزام إیران الکامل بالتزاماتها. فی الوقت نفسه، وبسبب خرق الولایات المتحدة للمعاهدة ومنح إیران عامًا للأطراف الأوروبیة فی برجام، لم یتم إتّخاذ أی إجراء فعال لرفع العقوبات والتعویض عن الإنتهاک الأمریکی، ولذلک أعلنت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أنّها ستقلّل من بعض إلتزاماتها فی الإتفاقیة لتحقیق التوازن فی الحقوق والإلتزامات القانونیة. تمّ تنفیذ جمیع أعمال إیران وفقاً للأحکام الصریحة للإتفاقیة وفی إطارها، تحت إشراف مفتشی الوکالة وبعلمهم. کما أصرّت إیران دائمًا على أنه إذا عاد الأطراف إلى التزاماتهم، فإنّ أفعال إیران ستعود وفقًا لذلک، أی، إذا کانت إتفاقیة برجام لا تزال ساریة حتى الیوم، فقد کانت على حساب وتضحیات الشعب الإیرانی.

تجدر الإشارة إلى أن الإتفاق النووی تمّ التوصل إلیه بطریقة انسحبت فیها الولایات المتحدة من السیاسة غیر المشروعة المتمثلة فی "عدم التخصیب فی إیران"، واحترمت حق الشعب الإیرانی فی التمتع بالتقدم العلمی والوصول إلى العلوم النوویة والصناعة کعضو فی معاهدة عدم انتشار الأسلحة النوویة. کما دخلت جمهوریة إیران الإسلامیة، فی المفاوضات النوویة وانضمت إلى برجام لأن الولایات المتحدة وحلفاءها بعد سنوات من الشجاعة والمقاومة للشعب الإیرانی وتحقیق تقدم علمی وتقنی قیّم فی الصناعة النوویة، کانوا على استعداد لأول مرّة لاحترام جزء من حقوق الشعب الإیرانی. فی الواقع، کان انخراط إیران فی المحادثات النوویة، الذی کان ولا یزال قرارًا استراتیجیًا للنظام، إختبارًا للصدق الأمریکی فی المقام الأول، ثم أوروبا. مع الأسف، فإنّ التجربة المریرة لإتفاق برجام وسلوک ترامب غیر القانونی والمتسلط تجاه هذه الإتفاقیة أضرّ بشکل خطیر بثقة الشعب الإیرانی فی الولایات المتحدة والغرب. الآن، مع الإنتخابات الأمریکیة وهزیمة ترامب والمحافظین الجدد، نشأ وضع جدید. صرّح الرئیس المنتخب جو بایدن خلال حملته الإنتخابیة أنّه إذا فاز بالرئاسة، فسیعود إلى الدبلوماسیة والإمتثال للقانون الدولی واحترام الإلتزامات بموجب المعاهدات الدولیة، بما فی ذلک برجام. وقد رحّب العدید من السیاسیین والخبراء الدولیین بهذه القضیة. إنّ عودة الولایات المتحدة غیر المشروطة إلى إلتزاماتها کعضو فی المجتمع الدولی والعودة إلى احترام حقوق الشعب الإیرانی کطرف فی الإتفاق النووی ستکون بنّاءة.

وقال المرشد الأعلى فی خطاب ألقاه فی 17 سبتمبر 2019: " "إذا تراجعت الولایات المتحدة وتابت وعادت إلى المعاهدة النوویة التی انتهکتها، فیمکنها أن تنضم إلى المعاهدة بین الدول الأعضاء التی تتحدث مع إیران". کما ردّ وزیر خارجیة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة على التطورات الأخیرة فی 18 نوفمبر 2020: "إنه لأمر طیب للغایة أنّ السید بایدن یرید العودة إلى برجام. جزء من هذه العودة هو الوفاء بالتزاماتهم کعضو فی الأمم المتحدة، یجب علیهم أیضًا رفع العقوبات، وأن یوقفوا الأعمال التخریبیة التی ارتکبها السید ترامب فی انتهاک لقرار مجلس الأمن رقم 2231".

لذلک، فإن الإجراء الأفضل والأکثر قانونیة بالنسبة للولایات المتحدة وأوروبا، والذی، بالإضافة إلى القانون الدولی، یتم إقراره أیضًا من خلال العقل والإنصاف، هو عودتهم الفوریة إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب القرار 2231 واتفاقیة برجام والجهد للوفاء بالعهد واستعادة الضرر الذی لحق بالثقة والإقتصاد والعدید من جوانب حیاة الشعب الإیرانی خلال العامین ونصف العام الماضیین.

کما صرّح المرشد الأعلى للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة ومسؤولون آخرون فی البلاد فی مناسبات مختلفة، أنّ الشعب  الإیرانی کان دائمًا على استعداد لمناقشة مختلف القضایا والتفاعل معها إذا تمّ احترام حقوقهم واستند سلوکهم إلى المصالح والإحترام المتبادلین.

على مدار الـ 42 عامًا الماضیة، حیثما احترمت الولایات المتحدة والدول الأوروبیة حقوق الشعب الإیرانی ومدوا ید العون لإیران لحل مشاکل المنطقة والعالم، فقد صافحت إیران یدهم بحرارة وقد ساعدتهم فی حل المشاکل بشکل فعال. لقد أثبتت إیران الإسلامیة على الأرض فی الـ 42 سنة الماضیة أنّها کدولة ذات قدرات عالیة وحضور فعّال، لا یمکن تجاهلها فی القضایا الإقلیمیة والعالمیة. ویمکن لهذا البلد أن یدخل بشکل بنّاء فی أی مفاوضات أو جهد بناء لإدارة الشؤون وحل القضایا الإقلیمیة والدولیة بشکل عادل ولعب دورها کدولة تاریخیة مثقفة وملتزمة.

یرى الخبراء والمفکرون فی الوقت الحاضر أنّه بجب على الولایات المتحدة وأوروبا العودة إلى إتّفاق برجام والوفاء بالتزاماتهم ومن خلال الوفاء بالعهد واحترام حق الشعب الإیرانی فی التمتع الکامل بمزایا القرار 2231 والإتفاق النووی، لیکونوا على طریق التعاون والمنفعة المتبادلة. یقر الجمیع بأنّ هذا لیس طریقًا سهلاً، وأنّ أی عائق أو إسراف أو حالة جدیدة فی حد ذاتها ستجعل العملیة أکثر صعوبة وغیر بنّاءة.

إنّ العالم المعاصر ملیء بالمشاکل التی یمکن حلّها بالحکمة والإعتراف بحقوق الجمیع واستخدام أسالیب تقوم على العقل والعدالة مثل برجام. أظهرت التجربة الأمریکیة فی السنوات الأربعة الماضیة أنّ العالم لا یقبل الإستبداد والإنحیاز والغطرسة ویعانی منها ولا یثق یصوّت لها، حتى فی الولایات المتحدة. یمکن أن یکون العالم مکانًا أفضل للجمیع للعیش بحکمة الرئیس المنتخب للولایات المتحدة والعودة إلى العقلانیة والسعی وراء المصالح المتعددة الأطراف.

  "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"                                                     

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است