عقیدة الوطن الأزرق الترکی

فی ۱۴ یونیو ۲۰۰۶، لأوّل مرّة تمّ إقتراح عقیدة الوطن الأزرق (Mavi Vatan) من قبل الأدمیرال جیم جوردینیز (Cem Gürdeniz)فی ندوة البحر الأسود والأمن البحری فی ۱۴ یونیو ۲۰۰۶، ثمّ حدّد المیاه الإقلیمیة والجرف القاری والمنطقة الإقتصادیة الخالصة لترکیا، تم الإنتهاء من البحر الأسود ومرمرة وبحر إیجه والبحر الأبیض المتوسط، بمساحة ۴۶۲۰۰۰ کیلومتر مربع، من قبل الأدمیرال جیهات یایجی(Cihat Yaycı). الغرض من هذه العقیدة، بالإضافة إلى تحدید منطقة المیاه فی ترکیا، هو تحدید استراتیجیة ترکیا فی المنطقة البحریة وتطویر مجمّع صناعی عسکری لهذه الإستراتیجیة. بدأت القیود الشدیدة على ترکیا فی بحر إیجة، وإلى حد ما فی البحر الأبیض المتوسط، بمعاهدة ۱۹۲۰ (Traité de Sèvres) واستمرت فی الإتفاقیات اللاحقة، بما فی ذلک معاهدة لوزان لعام ۱۹۲۳. هذه الإتفاقیات حرمت ترکیا من جزء کبیر من جزر بحر إیجة والبحر الأبیض المتوسط. فمثلاً, تمّ منح أثینا جزیرة Meis التی تبلغ مساحتها عشرة کیلومترات مربعة، وتقع على بعد کیلومترین من ترکیا و ۵۸۰ کیلومترًا من الیونان. لم تکن أنقرة قادرة على السکوت عن هذا الظلم، بسبب أنّه یوجد المئات من الجزر الأخرى المماثلة التی کانت دائمًا مصدر الخلافات بین ترکیا والیونان. فی الواقع، عقیدة الوطن الأزرق هی الرد على هذه القیود المفروضة، والتی ظهرت مع تطور العثمانیة فی ترکیا.
8 ربيع الثاني 1442
رویت 505
جلال الدین نمینی میانجی

 فی 14 یونیو 2006، لأوّل مرّة تمّ إقتراح عقیدة الوطن الأزرق (Mavi Vatan) من قبل الأدمیرال جیم جوردینیز (Cem Gürdeniz)فی ندوة البحر الأسود والأمن البحری فی 14 یونیو 2006، ثمّ حدّد المیاه الإقلیمیة والجرف القاری والمنطقة الإقتصادیة الخالصة لترکیا، تم الإنتهاء من البحر الأسود ومرمرة وبحر إیجه والبحر الأبیض المتوسط، بمساحة 462000 کیلومتر مربع، من قبل الأدمیرال جیهات یایجی(Cihat Yaycı). الغرض من هذه العقیدة، بالإضافة إلى تحدید منطقة المیاه فی ترکیا، هو تحدید استراتیجیة ترکیا فی المنطقة البحریة وتطویر مجمّع صناعی عسکری لهذه الإستراتیجیة.

بدأت القیود الشدیدة على ترکیا فی بحر إیجة، وإلى حد ما فی البحر الأبیض المتوسط، بمعاهدة 1920 (Traité de Sèvres) واستمرت فی الإتفاقیات اللاحقة، بما فی ذلک معاهدة لوزان لعام 1923. هذه الإتفاقیات حرمت ترکیا من جزء کبیر من جزر بحر إیجة والبحر الأبیض المتوسط. فمثلاً, تمّ منح أثینا جزیرة Meis التی تبلغ مساحتها عشرة کیلومترات مربعة، وتقع على بعد کیلومترین من ترکیا و 580 کیلومترًا من الیونان. لم تکن أنقرة قادرة على السکوت عن هذا الظلم، بسبب أنّه یوجد المئات من الجزر الأخرى المماثلة التی کانت دائمًا مصدر الخلافات بین ترکیا والیونان. فی الواقع، عقیدة الوطن الأزرق هی الرد على هذه القیود المفروضة، والتی ظهرت مع تطور العثمانیة فی ترکیا.

نظرًا لأن عقیدة الوطن الأزرق بطبیعتها کانت مسیئة وتناقضت مع النهج الأولی لحکومة حزب العدالة والتنمیة المتمثل فی "صفر مشکلة مع الجیران"، تمّ تجاهل العقیدة فی البدایة (حتى تم سجن مؤسسها). لکن فی أعقاب ما یسمى بالربیع العربی، الذی غیّر النهج التفاعلی لحکومة حزب العدالة والتنمیة واستبدله بنهج السیاسة الخارجیة العدوانیة، فضلاً عن الأهمیة المتزایدة للوقود الأحفوری البحری، وخاصة اکتشاف خزانات الغاز الطبیعی فی شرق البحر المتوسط. تمّ وضع هذا المبدأ على جدول أعمال حزب العدالة والتنمیة بعد عقد من الزمن. تعتقد ترکیا أنّ معاهدة سوریا لعام 1920 انتهکت حقوق جرفها القاری، خاصة فی بحر إیجة والبحر الأبیض المتوسط، وأنّ عقیدة بلو باتریوت تهدف إلى استعادة هذه الحقوق. ترکیا کانت فی حاجة إلى قوّة میدانیة لتنفیذ عقیدةالوطن لأزرق فی بحر إیجة وشرق البحر الأبیض المتوسط. فی حین أنّ لأنشطة الزلزالیة الترکیة السابقة فی المناطق غیر المتنازع علیها فی البحر کانت تقوم بها شرکات دولیة، حکومة أردوغان إستثمرت بناء مجمع صناعی عسکری ووضعت ذلک  على جدول الأعمال للقیام بذلک بقدرة وطنیة . کانت ترکیا فی مجال بناء ثلاث سفن زلزالیة اسمها  Oruch Rais و Barbaros و Yavuz، بالإضافة إلى سفینتی حفر باسم Fateh و Qanuni فی السنوات الأخیرة، إلى جانب زیادة وجود ونشاط البحریة فی بحر إیجة وشرق البحر الأبیض المتوسط.. فی شباط / فبرایر 2019 على الصعید العسکری, وبمشارکة 117 سفینة وعدد کبیر من الطائرات المقاتلة، أجرت ترکیا مناورة بحریة واسعة النطاق أطلق علیها اسم "الوطن الأزرق" فی بحر إیجة والبحر الأبیض المتوسط. وأظهرت المناورة، وهی أکبر مناورة بحریة فی تاریخ ترکیا، موقف الدولة العنید القائم على تفوّقها العسکری، وأرسلت رسالة خاصة إلى أثینا وقبرص والإتحاد الأوروبی مفادها أن أنقرة مصممة على تنفیذ عقیدة الوطن الأزرق وممارسة السیادة فی المنطقة البحریة المحددة فی هذه العقیدة. کانت القضیة الرئیسیة فی تنفیذ عقیدة الوطن الأزرق هی إجراء الأنشطة الزلزالیة وعملیات الإستکشاف فی المنطقة الإقتصادیة الخالصة الموضحة فی العقیدة المذکورة أعلاه فی البحار حول ترکیا. لم تکن هناک مشکلة فی البحر الأسود فی هذا الصدد. لقد تمّ بالفعل رسم الحدود البحریة لترکیا والمنطقة الإقتصادیة الخالصة المقابلة لها فی البحر الأسود وقبولها فی هذا المجال من قبل الدول، وتواصل ترکیا الأبحاث الزلزالیة فی هذه المنطقة دون أی مشاکل. وبحسب أنقرة، أدّى النشاط الزلزالی فی البحر الأسود إلى اکتشاف حقل غاز (یسمى ساکاریا) بسعة 405 ملیار متر مکعب. تتمثّل مشکلة ترکیا الرئیسیة فی تنفیذ مبدأ الوطن الأزرق فی بحر إیجة وشرق البحر الأبیض المتوسط. تمتد الحدود التی رسمتها أنقرة فی بحر إیجه والبحر الأبیض المتوسط على نطاق واسع إلى المناطق المطالب بها من الیونان وقبرص. تعتقد أثینا أن جزر البلاد هی الأساس لحساب المنطقة الإقتصادیة الإحتکاریة. لکن أنقرة تعارض هذه الخطوة، التی أدّت إلى خسارة جزء کبیر من منطقتها الإقتصادیة الخالصة فی بحر إیجة وشرق البحر الأبیض المتوسط، وحصر ترکیا فی خلیج أنطالیا. واستشهدت ببعض الإجراءات الدولیة (بما فی ذلک الإتفاقیة بین فرنسا والمملکة المتحدة فی تحدید المنطقة الإقتصادیة الخالصة بین البلدین)، تعتقد ترکیا أنّ حساب المنطقة الإقتصادیة الخالصة یجب أن یستند إلى الخط الساحلی للبلدین (ولیس الجزر). کما تعتقد أنقرة أنّ مبدأ العدالة یقتضی أن تکون ترکیا، نظرًا لامتلاکها أکبر خط ساحلی (1792 کم) فی البحر الأبیض المتوسط، أکبر منطقة إقتصادیة إحتکاریة فی هذا البحر. داخل منطقة الإحتکار الإقتصادی المزعومة لترکیا تقع مئات الجزر الیونانیة. والیونان ترید حل هذه النزاعات من خلال المحافل الدولیة، بما فی ذلک محکمة العدل الدولیة، لکن أنقرة تخشى عواقب مثل هذه الخطوة وتدعم التسویة الثنائیة.

إنّ مشکلة تطبیق عقیدة الوطن الأزرق أعمق فیما یتعلق بقبرص. لم تعترف ترکیا بالدولة ولم تعترف إلا بالجزء الشمالی من قبرص باسم الجمهوریة الترکیة لشمال قبرص (TRNC). کما تعتبر ترکیا نفسها الحارس والمدافع عن حقوق القبارصة الأتراک، بما فی ذلک فی داخل المنطقة الإقتصادیة الخالصة فی شرق البحر الأبیض المتوسط (التی تنتمی إلى جمهوریة قبرص بموجب القانون الدولی). کانت نتیجة هذه السیاسة على الأرض منع استکشاف الغاز القبرصی فی میاه شمال قبرص، بالقوة أحیانًا. (على سبیل المثال، فی أوائل عام 2018، منعت السفن الحربیة الترکیة تشغیل سفینة تابعة لشرکة ENI الإیطالیة فی المیاه الشمالیة لقبرص). إضافةً إلى ذلک، إنّ قبرص والیونان هما عضوان فی الإتحاد الأوروبی، لذلک تصبح مشاکل ترکیا مع هذین البلدین تلقائیًا مشکلة الإتحاد الأوروبی مع ترکیا. الإتحاد الأوروبی إتّهم ترکیا مرارًا وتکرارًا بالتعدی على بحر قبرص والیونان وفرض عقوبات على أنقرة فی حال استمرت ترکیا فی التحرک. یضیف أنّه بینما اکتشفت دول أخرى حقول الغاز فی مناطقها الإقتصادیة الخالصة، فإنّ أنشطة التنقیب الترکیة فی شرق البحر المتوسط لم تسفر عن أی نتائج حتى الآن. أصبح الیوم مبدأ الوطن الأزرق، فی شکل أنشطة زلزالیة ترکیة فی شرق البحر الأبیض المتوسط، وقضیة خلافیة رئیسیة فی السیاسة الخارجیة الترکیة. فی هذا الصراع، جلبت أنقرة معها فقط نظام السراج المهتز فی لیبیا ، وفی هذا الصدد، وقّعت فی 27 تشرین الثانی / نوفمبر 2019 وثیقتین للتعاون، هما "تنحیة البلدین فی البحر المتوسط" و "التعاون الأمنی والعسکری بینهما". هذه الإتفاقیات کانت خطوة نحو کسر العزلة السیاسیة لترکیا فی شرق البحر الأبیض المتوسط، ولم تأخذها الدول الأخرى على محمل الجد. تشمل هذه الدول الیونان وقبرص ومصر وإسرائیل والإتحاد الأوروبی وإلى حد ما الأردن وإیطالیا، کذلک دول غیر إقلیمیة مثل فرنسا والولایات المتحدة (التی تبحث شرکاتها عن الغاز فی المنطقة بموجب إتفاقیة مع قبرص) تواجه ترکیا. وکانت نتیجة هذه المواجهة إستبعاد أنقرة من المنظمة القائمة بین دول البحر الأبیض المتوسط والتی یطلق علیها "منتدى الطاقة لشرق المتوسط". تلعب مصر دورًا رئیسیًا فی الصراع، ویمکن لإتفاق أنقرة مع القاهرة فی تقسیم المنطقة الإقتصادیة الإحتکاریة فی شرق البحر المتوسط أن یخفف بعض الضغط على ترکیا، لکن المشاکل مع نهج الإخوان الذی یتبعه أردوغان لا تمنع القاهرة من التعامل مع أنقرة فقط. وأدّى ذلک إلى قیام أنقرة بإبرام إتفاق مع الیونان وقبرص بشأن منطقة إقتصادیة إحتکاریة فی شرق البحر المتوسط، والتی تتداخل مع الأراضی المزعومة لأنقرة. کما أن السعودیة والإمارات بشکل علنی تدعمان القاهرة ضد أردوغان فی مواقفهما المناهضة للإخوان.

فتحت عقیدة الوطن الأزرق جبهة جدیدة لترکیا فی بحر إیجه وشرق البحر الأبیض المتوسط (إلى جانب ثلاث جبهات أخرى فی سوریا ولیبیا وناغورنو کاراباخ). جهود أردوغان أدّت لربط عقیدة بلو باتریوت بقضایا السیادة وجعلها مرموقة إلى دعم الرأی العام الترکی لتطبیقها. تحاول أنقرة حالیًا إظهار إرادتها السیاسیة وقوتها المیدانیة بالتوازی مع أنشطتها الدبلوماسیة، وإقناع الولایات المتحدة والاتحاد الأوروبی بالضغط على أثینا ونیقوسیا لمنح امتیازات لترکیا،  جهد لم ینجح حتى الآن فحسب، بل لیس له آفاق واضحة أیضًا. فی غضون ذلک، لن یتم القضاء على خطر نشوب صراع بحری محدود بین ترکیا والیونان من خلال مواصلة أنشطة الإستکشاف، خاصّة إذا تمّ إکتشاف الغاز فی المنطقة محل النزاع. وقد أثار ذلک مخاوف واضحة لدى حلف شمال الأطلسی، مما أجبره على عقد عدة قمم بین الیونان وترکیا للحد من التوترات العسکریة.

تظهر مواقف الأطراف والتطورات ذات الصّلة أنّ مشکلة تطبیق عقیدة الوطن الأزرق الترکی فی بحر إیجه وشرق المتوسط لن یتم معالجتها بسهولة، وهذاالأمر یتطلب تغییرًا جوهریًا فی میزان القوى للأطراف المعنیة لصالح أنقرة.

 "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است