خطة العمل الشاملة المشترکة (JCPOA) والعزلة التاریخیة للولایات المتحدة فی مجلس الأمن

فشلت الولایات المتحدة فی ۱۵ أغسطس ۲۰۲۰، بعد جهد استمر عامین لتمدید حظر الأسلحة الإیرانی. وقد ردّ المجتمع الدولی مرة أخرى بقوّة على مطالب واشنطن غیر المشروعة والمتحیزة.
19 صفر 1442
رویت 791
کامبیز شیخ‏ حسنی

 فشلت الولایات المتحدة فی 15 أغسطس 2020، بعد جهد استمر عامین لتمدید حظر الأسلحة الإیرانی. وقد ردّ المجتمع الدولی مرة أخرى بقوّة على مطالب واشنطن غیر المشروعة والمتحیزة. فی تصویت افتراضی لمجلس الأمن الدولی فی هذا الیوم، عارض 13 من أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر طلبًا أمریکیًا لتمدید حظر الأسلحة على إیران، فی انتهاک لقرار مجلس الأمن الدولی رقم 2231. کان الداعم الوحید للولایات المتحدة هو جمهوریة الدومینیکان، التی تعتمد بنسبة 50 فی المائة على التجارة الخارجیة للولایات المتحدة و 40 فی المائة من صادراتها الإقتصادیة الصغیرة، وتعمل بسهولة تحت ضغط من واشنطن. وهکذا عانى نظام ترامب من هزیمة ثقیلة وعزلة تاریخیة فی الأمم المتحدة. لهذا السبب، کتب متحدث باسم وزارة الخارجیة فی جمهوریة الإسلامیة الإیرانیئ على حسابه على موقع تویتر أنه "فی تاریخ الأمم المتحدة الذی یبلغ 75 عامًا، لم تکن الولایات المتحدة معزولة أبدًا". بالطبع، بدأت سلسلة الإخفاقات السیاسیة والقانونیة والدولیة للولایات المتحدة فی محاولتها تدمیر الإتفاقیة النوویة مع الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة منذ عام 2018 وحتى قبل ذلک.

یسعى ترامب وإدارته للإطاحة بخطة العمل الشاملة المشترکة منذ تولیه منصبه وقد جرّبوا طرقًا مختلفة لتحقیق ذلک. حاولوا فی البدایة القضاء علیها من خلال إیجاد ثغرات قانونیة فیها. ثم لجأوا إلى شرکائهم الأوروبیین، الأمر الذی لم یکن فعالاً. ثم ضغطوا على الوکالة الدولیة للطاقة الذریة للتسبب فی انهیار برجام من خلال السلوک السیاسی، لکن هذا لم یحدث. کما أنهم استفزوا إیران بشتى الطرق لإخراج بلادنا من برجام. لکن إیران بذکاء لم تسقط فی هذا الفخ ولم تنضم إلیه دول أخرى أعضاء فی مجموعة 1+5. وأخیرًا، عندما فشل هذا الجهد العقیم، ردًا على هذا الفشل، أعلن ترامب رسمیًا إنسحاب الحکومة الأمریکیة من برجام فی خطاب تلفزیونی فی 8 مایو 2018.

وعارض القرار على الفور أعضاء آخرون فی مجموعة 1+5 ووصفوه بأنه رفض ومخالفة لخطة العمل الشاملة المشترکة. وفی التعبیر عن هذه الإعتراضات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجیة الروسیة فی 9 مایو أنّه "یشعر بخیبة أمل شدیدة من قرار ترامب للإنسحاب من الإتفاق النووی وأنّهم قلقون من أنّ الولایات المتحدة ستتصرف مرة أخرى ضد إرادة غالبیة العالم وتنتهک القانون الدولی بشکل صارخ لصالح مصالحها الإنتهازیة وقصیرة النظر". کما أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجیة الصینیة عن معارضته للقرار الأمریکی فی نفس الیوم، مؤکداً أنّ "الإتصالات مع کافة الأطراف ستستمر لحمایة وتنفیذ خطّة العمل الشاملة المشترکة". کما أعربوا المستشارة الألمانیة والرئیس الفرنسی ورئیس وزراء المملکة المتحدة فی بیان نیابة عن الإتحاد الأوروبی عن التزامهم بالإتفاق النووی وأعربوا فیه عن الأسف والقلق إزاء الإجراء الأمریکی. وأشاروا إلى أن قرار مجلس الأمن الدولی رقم 2231 هو الضامن لخطة العمل الشاملة المشترکة "والإطار الدولی الوحید الملزم قانونًا لحل أی نزاع بشأن برنامج إیران النووی". وأعربت دول أخرى، باستثناء عدد قلیل من الدول التابعة للولایات المتحدة فی الشرق الأوسط، عن معارضة مماثلة للخطوة الأمریکیة.

بعبارة أخرى، منذ ذلک الوقت، أظهر العالم بوضوح أنه یعارض ولا یوافق على الأحادیة الأمریکیة وتحرک إدارة ترامب لتجاهل القانون الدولی والتعددیة والدبلوماسیة.  لکن واشنطن، التی أظهرت أنها لا تتصرف بعقلانیة، استمرت فی العناد حتى فی الأشهر الأربعة الماضیة،  تعرضت لعزلة تاریخیة کبیرة فی مجلس الأمن الدولی ثلاث مرات على الأقل والتی سنراجعها هنا باختصار.

أدرکت واشنطن أنّ إنسحابها من مجلس الأمن الدولی وسیاستها القمعیة للضغط الأقصى لم تحقّق أهدافها المقصودة ولم تجلب إیران إلى طاولة المفاوضات کما أراد ترامب، لذلک أطلقت فی عام 2019 مشروعًا جدیدًا لتدمیر الإتفاق النووی بعنوان "ضرورة تمدید حظر السلاح على إیران". وفقًا لبرنامج خطّة العمل الشاملة المشترکة والقرار رقم 2231، فی أکتوبر 2020، ستنتهی جمیع العقوبات وحظر الأسلحة التقلیدیة ضد إیران، بینما تعتزم الولایات المتحدة تمدید هذه القیود إلى أجل غیر مسمّى، خلافًا للإتّفاقیة! بالطبع، ردّ الأعضاء المتبقون فی برجام وبعض الدول الأخرى فی العالم على الفور بشکل سلبی على الإجراء الأمریکی وصرّحوا صراحةً أنّهم عارضوا هذا الطلب واعتبروه مخالفًا لخطة العمل الشاملة المشترکة والقرار 2231.

لکن الیمین المتطرف الذی یحکم البیت الأبیض، لم یأخذوا هذه القضیة على محمل الجد. نتیجة لذلک، فی إجتماع لمجلس الأمن الذی عقد بشکل إفتراضی بسبب وباء کورونا فی 30 یونیو 2020، لمناقشة هذه المسألة وألقى وزیر خارجیتنا کلمة مؤثّرة خلال ذلک الإجتماع، أعرب أعضاء المجلس بالإجماع عن معارضتهم لتمدید حظر السلاح على إیران بحسب الجانب الأمریکی. لکن واشنطن غضّت الطرف عن الواقع وبإصرار، وعلى الرغم من استحالة النجاح الواضحة، فقد قدّم فی 25 أغسطس 2020 قراره المقترح إلى المجلس، والذی عارضه 13 من أعضاء مجلس الأمن الـ 15. تعرّض البیت الأبیض لانتکاسة کبیرة على الرغم من عامین من المطاردة والسفر والتفاوض والرشوة والتهدید والترهیب لدول العالم.

على ما یبدو، لم یکن هذا الفشل کافیاً لإعادة المحافظین الجدد إلى رشدهم ، وأعلنوا على الفور أنّهم سیسعون إلى استخدام آلیة تسمى "الزناد". هذه المرة أیضًا ، واجه البیت الأبیض حجة إجماع الأعضاء الـ 1+5 الآخرین بأن الولایات المتحدة لن تکون "مشارکة" فی مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بسبب انسحابها الرسمی فی 8 مایو 2018، لذلک، فقدت الحق فی استخدام آلیة تسویة المنازعات المنصوص علیها فی خطة العمل الشاملة المشترکة (JCPOA) والقرار 2231. حتى رؤساء مجلس الأمن المتناوبین،  وهی إندونیسیا فی أغسطس والنیجر فی سبتمبر، على الرغم من الضغط الشدید، رفضوا طلب الولایات المتحدة غیر المنطقی وغیر القانونی لإستصدار قرار بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إیران ورفضوا ترامب وفریقه، وقد واجه ترامب وفریقه انتکاسة أخرى حتى الآن.

تُظهر هذه الإخفاقات المتتالیة فی مجلس الأمن الدولی وعلى الساحة الدولیة أن العالم یعارض الأحادیة والمغامرة وکسر المعاییر والسلوک المخالف لقواعد وإجراءات ترامب الدولیة، ویدعو إلى إنهاء ذلک، وحیثما لا توجد تکلفة فردیة باهظة على الدول، فإنّهم على استعداد للتعبیر عن هذه المعارضة. بالطبع، یجب التأکید على أن الولایات المتحدة، بسیاستها فی ممارسة الضغط الأقصى، واستخدام الدولار کسلاح وفرض قوانینها الخاصة خارج حدودها، قد ألحقت أضرارًا کبیرة بالقانون الدولی ومجلس الأمن وقراراته والإتفاقیات الدولیة، وقد تسببت فی الکثیر من الضرر لإیران وجمیع دول العالم. یجب على العالم أن یتحد ویتخذ إجراءات عملیة للتعامل بفاعلیة مع هذه السلوکیات الهدّامة والتعویض عنها بالتنفیذ الکامل لبرنامج خطّة العمل الشاملة المشترکة وإفادة الشعب الإیرانی من مصالحها الإقتصادیة والسیاسیة والقانونیة، والتی للأسف باستثناء جمهوریة الصین الشعبیة والإتحاد الروسی، لم یکن أداء الدول الأعضاء الأخرى فی مجلس الأمن الدولی والمجتمع الدولی على هذا النحو.

فی الوقت نفسه، منذ 8 مایو 2019، إتّخذت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة خمس خطوات لتقلیص إلتزاماتها لخلق توازن فی حقوق وواجبات بلدنا فی إطار خطة العمل الشاملة المشترکة وتمّ تقلیص هذه الإلتزامات وفقًا لبنود خطّة العمل الشاملة المشترکة. والتأکید على أنه إذا لم تعد الولایات المتحدة إلى برجام ولم تنه العقوبات القمعیة ولم تعوض الضرر الذی لحق بالشعب والحکومة الإیرانیة، وأوروبا لا تتخلى عن سلوکها المخادع المتمثل فی الدعم اللفظی لخطة العمل الشاملة المشترکة والتقاعس فی إجراءات فعّالة لتنفیذ واجباتها، جمیع الحقوق محفوظة للمصلحة الوطنیة، وتطویر الصناعة النوویة والتدابیر التعویضیة اللازمة، وستعمل الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بموجبها فی الوقت المناسب وفقًا لتقدیرها وتوقیتها ومصالحها.

 

"إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است