عملیات القتل المستهدف بالطائرات بدون طیار (درونز) المسلّحة واغتیال اللواء الشهید سلیمانی

أنییس کالامار (Agnès Callamard)‏ وهی "المُقرّرة الخاصة المعنیة بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بحالات الإعدام التعسفی" قدمت تقریرها للجلسة الرابعة والأربعین لمجلس حقوق الإنسان، فی ۱۰یولیو ۲۰۲۰ وتم التسجیل هذا التقریر فی الوثیقة رقم A/HRC/۴۴/۳۸ بعنوان «لقتل المستهدف بالطائرات المسلّحة بدون طیار وقضیة [اغتیال] اللواء قاسم سلیمانی».
14 ذو الحجة 1441
رویت 1019
منصوره شریفی صدر

أنییس کالامار (Agnès Callamard)‏ وهی "المُقرّرة الخاصة المعنیة بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بحالات الإعدام التعسفی" قدمت تقریرها للجلسة الرابعة والأربعین لمجلس حقوق الإنسان، فی 10یولیو 2020 وتم التسجیل هذا التقریر فی الوثیقة رقم A/HRC/44/38 بعنوان «لقتل المستهدف بالطائرات المسلّحة بدون طیار وقضیة [اغتیال] اللواء قاسم سلیمانی».

قدمت کالامارد تقریرها إلى المجلس وفقاً للقرار 15.35 وتناولت فیه تأثیر الطائرات المسلّحة بدون طیار على حقوق الإنسان، والتی زاد استخدامها على مدى السنوات الخمس الماضیة. بالإضافة إلى ذلک، قدمت توصیات لتنظیم استخدامها وتحسین مساءلة مستخدمی هذه التکنولوجیا فی هذا الصدد وارتقاء مستوى مسؤولیة مستخدمی هذه التقنیة، وأشارت إلى دور هجوم الطائرات بدون طیار فی اغتیال اللواء سلیمانی فی ینایر 2020، وأیضاَ، هجوم طائرة بدون طیار من قبل الحوثیین الیمنیین على مرافق النفط السعودیة فی عام 2019. ووصفت هذه الإجراءات بأنها انتهاک للقانون الدولی وشددت على ضرورة مساءلة مستخدمی هذه الطائرات المسلحة بدون طیار. فی عام 2013 أثار المقرر الخاص کریستوف هاینز مسألة الإستخدام الواسع النطاق للطائرات المسلحة بدون طیار وتهدیدها المحتمل للهیاکل الأمنیة الدولیة. بعد سبع سنوات، یشهد العالم "العصر الثانی من الطائرات بدون طیار". الیوم، نواجه طائرات بدون طیار ذات تقنیة أسرع وأعلى والتی تتحول بسرعة إلى مشکلة للأمن الدولی.

یرکز تقریر کالامارد على زیادة استخدام الطائرات بدون طیار المسلحة وأعلنت فی تقریرها أنه بحلول عام 2020، کان لدى 102 دولة على الأقل طائرات مسلحة بدون طیار ، مع التأکید على أن 35 دولة لدیها أکبر الطائرات وأکثرها فتکًا. ومن المتوقع أنه فی السنوات العشر المقبلة، سوف تمهد الطریق لتجارة وتصدیر تکنولوجیا الطائرات بدون طیار بهدف زیادة استخدامها. وتعتبر أن أحد أسباب زیادة استخدام الطائرات بدون طیار لأغراض مختلفة، وخاصة العسکریة، هو التکلفة والمخاطر المنخفضة فی الصراع العسکری. بالإضافة إلى ذلک، الجیل الثالث من الطائرات العسکریة بدون طیار قادرة على الطیران لمدة 20 ساعة وقطع مسافة أکثر من 1000 کیلومتر بسرعة 300 کیلومتر فی الساعة. فیما یتعلق بقوة الدمار والأضرار البشریة، تعتقد کالامارد أنه، وفقًا للأدلة، فإن الخسائر البشریة فی غارات الطائرات بدون طیار هی أکثر من الضربات الجویة التقلیدیة. على سبیل المثال، أسفرت ضربات الطائرات الأمریکیة بدون طیار فی أفغانستان من 2010 إلى 2011 عن سقوط عشرة أضعاف الضحایا. وفحصت فی تقریرها، استخدام الطائرات العسکریة بدون طیار فی مختلف المناطق المتأزمة، وخاصة فی الشرق الأوسط ووجدت أنه بسبب نقص الشفافیة فی آثار عملیات الطائرات بدون طیار على المجتمعات المستهدفة، من الصعب تقییم النتائج ومعدل الخسائر البشریة بدقة. وهذا یجعل من المستحیل تحدید الثغرات ونقاط الضعف فی الحکومات وبالتالی یعوق تحقیق عملیة المساءلة.

المُقرّرة فی محاولة شرح الأبعاد المختلفة لاستخدام الطائرات بدون طیار، بما فی ذلک العلاقة بین عملیات القتل المستهدف والقانون الدولی، قدمت حلولاً لمواجهة عملیات القتل التعسفی إستناداَ الى القانون الدولی العرفی، القواعد الآمرة، وکذلک الإعلان العالمی لحقوق الإنسان، والعهد الدولی الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة. واعتبرت أن القتل المستهدف لا یجوز إلا کملاذ أخیر وفی حالة التهدید بالقتل الفوری. کما تمت الموافقة على هذا النهج من قبل معاهدات حقوق الإنسان والسلطات الدولیة المختصة. تعتقد اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر أن القانون الدولی الإنسانی لا یسمح باستهداف الأفراد المتورطین فی النزاع بشکل مباشر خلال تواجدهم فی بلد ثالث. وإلا فإن العالم کله سیکون مسرحاً محتملاَ للصراع والحرب.

قضیة قانونیة أخرى مذکورة فی التقریر هی قضیة الدفاع الوقائی عن النفس، والتی لا یُحتج بها إلا عندما یکون التهدید فوریًا ووشیکًا للغایة.

قضیة قانونیة أخرى فی هذا التقریر تتعلق بانتهاک سیادة دولة ثالثة من قبل عملیات الطائرات المسلحة بدون طیار. فی هذا الصدد، لا یمکن تبریر الإحتجاج بمبدأ السیادة فی الدفاع عن النفس ضد جماعة مسلحة فی أراضی دولة أخرى إلا إذا کان من الممکن عزو عملیات الجماعة إلى الحکومة المضیفة. وإلا، فإن استخدام القوة فی أراضی دولة أخرى هو انتهاک غیر قانونی لمبدأ السیادة الذی یمکن اعتباره عملاً عدوانیًا ، إلا بموافقة الحکومة المضیفة أو بإذن مسبق من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ثم تناولت کالامارد قضیة إستشهاد اللواء قاسم سلیمانی على الأراضی العراقیة من قبل طائرات أمریکیة بدون طیار، بعد نقاش قانونی حول استخدام الطائرات بدون طیار لقتل شخص أو مجموعة مستهدفة فی بلد ثالث وتعتبر اغتیال اللواء سلیمانی الحالة الأولى التی تستهدف فیها الحکومة، دولة فی إقلیم دولة ثالثة مع تبریر الدفاع عن النفس من قبل مسؤول حکومی، معلنة أنها تتعارض مع الفقرة 4 من المادة 2 من میثاق الأمم المتحدة. وتعلن نقاط الإهتمام المتعلقة باغتیال الشهید سلیمانی على النحو التالی:

  • - تم استخدام القوة من قبل الولایات المتحدة لیس فقط ضد إیران، ولکن أیضا ضد العراق. وقد تم تنفیذ الهجوم دون موافقة مسبقة من الحکومة العراقیة. بهذه الطریقة انتهکت الولایات المتحدة وحدة أراضی العراق.
  • - لا یوجد دلیل على أن التهدید وشیک، مستشهدا بالدفاع عن النفس الأمریکی وأیضاً الإیرانی [رداً على الأعمال العدائیة الأمریکیة]. لذلک، لا یمکن تبریر هذه المسألة فی هذا الصدد. إن اغتیال ممثل حکومی فی دولة أخرى  باستخدام طائرة بدون طیار مسلحة، هو حدث جدید، والذی مع القوة التکنولوجیة لـ "الجیل الثانی من الطائرات بدون طیار"، یمکنه أن یلعب دورًا رئیسیًا فی توسیع استخدام القوة فی المستقبل. من الواضح أنه إذا تکررت هذه الإجراءات فی المستقبل، فسوف تتضرر أسس القانون الدولی. لکی یکون القتل المستهدف قانونیا، یجب أن یتم فی ظل أنظمة قانونیة مشروعة. الأنظمة المتعلقة بحقوق الحرب هی قوانین حقوق الإنسان الدولیة. بعض الهجمات بطائرات بدون طیار تجعل من الصعب تقییم شرعیتها، مما یؤدی إلى استجابات غیر متناسقة من قبل القانون الدولی الإنسانی وحقوق الإنسان حول شرعیة القتل.

کان اللواء سلیمانی ورفاقه من الحرس الثوری والحشد الشعبی فی موقع عسکری. إذا کان الهجوم قد وقع أثناء نزاع عسکری، لکان من الممکن اعتبارهم مقاتلین بموجب القانون الإنسانی الدولی. لا یحظر القانون الدولی الإنسانی قتل القوات المقاتلة داخل الحرب، ولکنه یحظر قتل المدنیین والمغادرین ساحة المعرکة والهجمات التی تؤدی إلى إلحاق أضرار جسیمة بالمدنیین. من الضروری تحدید شرعیة الهجوم إذا کان النظام القانونی ینطبق على جمیع القتلى وهم اللواء سلیمانی ورفاقه الإیرانیین والعراقیین أم لا.

تعتقد مجموعة من الباحثین أن العلاقات الإیرانیة الأمریکیة فی الأشهر والسنوات التی سبقت الهجوم اعتبرت "حرب ظل". مفهوم یستخدم على نطاق واسع لتحدید العملیات العسکریة السریة والتجسس البحری. فی المقابل، لم یکن لدى الولایات المتحدة (وفی هذه الحالة إیران) صراع عسکری حقیقی. برغم من أن حرب الظل بموجب القانون الدولی الإنسانی لا معنى لها. بالإضافة إلى ذلک، لم یشر تقریر الولایات المتحدة إلى مجلس الأمن حول الهجوم على اللواء سلیمانی نفسه وتحدث فقط عن أعضاء فی فیلق القدس.

وبالإشارة إلى المادة 51 من المیثاق، تناقش المقررة القیود القانونیة المفروضة على استخدام هذه المادة وتعتقد أن الولایات المتحدة یجب أن تقدم أدلة إلى مجلس الأمن لإجراء تفتیش علنی. غیر ذلک، وفقا للمادة 51، یصبح هجومها على اللواء سلیمانی ذریعة لأی استخدام لقوة من قبل دولة ضد دولة أخرى. من منظور حقوق الإنسان، لا یفی الهجوم بمعاییر حقوق الإنسان فی ثلاثة مجالات:

  1. تُظهر خطط الهجوم أن الولایات المتحدة کانت تنوی القیام بذلک وأنه لم یکن هناک خیار آخر لها.
  2. لا یوجد دلیل على أن أهداف الهجوم کانت تشکل تهدیدا حیویا للآخرین.
  3. إن المعلومات التی قدمتها الولایات المتحدة بشأن الإحتمال الوشیک لتهدید غامضة وغیر منطقیة بشکل خطیر. بالإضافة إلى مقتل تسعة أشخاص آخرین لم یتم تحدیدهم على أنهم تهدیدات وشیکة، خمسة منهم کانوا مواطنین عراقیین البلد الشریک للولایات المتحدة، الأمر الذی لیس له جانب قانونی.

فی الختام، تقدم المقررة حلولاً للتصدی للتحدیات التی یفرضها استخدام الطائرات المسلحة بدون طیار والقتل المستهدف. وتضیف أیضًا أنه یجب على الحکومات وصانعی القرار والجهات الفاعلة الدولیة العمل لوضع معاییر قویة للشفافیة والمساءلة فی استخدام هذه الطائرات . من الضروری اتخاذ تدابیر فعالة للسیطرة على إنتاج وتصدیر الطائرات بدون طیار من خلال أنظمة قانونیة متعددة الأطراف أو من خلال المعاهدات الدولیة. کما توصی المقررة بتحقیق جمیع المبررات المتعلقة بالإستخدام الغیر قانونی للطائرات المسلّحة بدون طیار والضحایا الناتجین عنها.

 

"إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"  

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است