تشمل الکتلة الإقتصادیة للدولار الأمریکی البلدان التی تستخدم الدولار الأمریکی فی إحتیاطیات النقد الأجنبی والتبادلات والمعاملات الدولیة. کذلک الحال بالنسبة لإقتصاد دول مثل الصین والهند وروسیا والأسواق الناشئة. یمثل الدولار الأمریکی حوالی 63 فی المائة من إجمالی إحتیاطیات النقد الأجنبی للبنک المرکزی العالمی. بینما تبلغ حصة الیورو 20٪ وحصة الیوان 2.5٪. أهم معیار لتحویل عملة البلد إلى عملة عالمیة وهو مقدار الناتج المحلی الإجمالی ودور إقتصاده فی التجارة الدولیة.
تسببت کتلة الدولار الأمریکی فی زیادة الطلب على الدولار فی الأسواق العالمیة بطریقتین إقتصادیتین: أحدهما هو تراکم إحتیاطیات النقد الأجنبی بالدولار الأمریکی والآخر هو إستخدام الدولار فی التجارة والتبادل. تخضع معظم الإقتصادات الناشئة لنظام أسعار صرف عائم، ویحافظون على أسعار صرف عملاتهم مقابل الدولار الأمریکی ضمن نطاق محدد مسبقًا وبهدف أن یؤدی إستقرار سعر صرف الدولار الأمریکی إلى إنخفاض فی تقلّبات العملة، وبالتالی إستقرار السوق المالیة لهذه الدول. إنّ الحفاظ على احتیاطیات النقد الأجنبی بالدولار الأمریکی لیس فعالاً فقط فی نمو السیولة وأسعار الفائدة المصرفیة، ولکن أیضًا فی السیاسة والصرف الأجنبی لهذه البلدان؛ لأن احتیاطیات النقد الأجنبی تعتبر "دعماً نقدیاً ومالیاً" یساعد الحکومة على تحقیق الأهداف الإقتصادیة. تشیر الإحصاءات إلى أن حجم إحتیاطیات النقد الأجنبی فی العالم، وخاصة بالدولار الأمریکی، فی ازدیاد مستمر.
هناک العدید من الأسباب التی تجعل البنوک المرکزیة والخاصة تحتفظ باحتیاطیات من العملات الأجنبیة بالدولار الأمریکی: أولاً، السوق المالیة الأمریکیة أکبر وأکثر أمانًا من الدول الأخرى من حیث الحجم والسیولة، ویرافق هذه المیزة الإقتصادیة السیولة العالیة للدولار الأمریکی للعملات والأصول الأخرى، لأن التوازن بین العرض والطلب بالدولار الأمریکی فی الأسواق العالمیة شامل ومستقر. ثانیاً، أدى استخدام الدولار الأمریکی فی التجارة الدولیة والنفط العالمی والغاز والذهب والمعادن الأخرى والمنتجات الزراعیة إلى استمرار الطلب العالمی على الدولار الأمریکی. الولایات المتحدة لدیها أکبر سوق استیراد ولهذا السبب، فهی جاذبة للعدید من البلدان، بما فی ذلک البلدان المتقدمة والأسواق الناشئة والبلدان النامیة، التی ترید زیادة حصتها فی السوق.
بعد فرض العقوبات الأمریکیة على روسیا فی عام 2014 بسبب ضم شبه جزیرة القرم إلى الإتحاد الروسی واستمرار التوترات فی شرق أوکرانیا، تم تشدید القیود الأمریکیة على المعاملات المالیة الروسیة ونتیجة لذلک، ازداد خطر ملاحقة ومقاضاة رجال الأعمال والشرکات الروسیة فی الولایات المتحدة الذین یتفاعلون مع الدولار. فی ظل هذه الظروف، اتّبعت الحکومة الروسیة سیاسة تقلیل اعتمادها على الدولار واستخدام العملة الوطنیة فی التجارة الخارجیة من أجل تعزیز العملة الوطنیة والاقتصاد الروسی لمواجهة الضرر الناجم عن العقوبات.
خفض البنک المرکزی الروسی حصة الدولار من احتیاطیات النقد الأجنبی الدولیة وزادت حصة الذهب والیوان والیورو، حیث حقق الیوان الصینی أعلى نمو فی احتیاطیات النقد الأجنبی لروسیا.
خفضت روسیا استخدام الدولار فی التجارة مع دول مثل الصین والهند بنحو 50 فی المائة واستبدلت بالروبل والیورو. کما أنها تحاول تقلیل استخدام الدولار فی التجارة مع الدول الأخرى، مثل أعضاء الاتحاد الأوروبی. هذه هی المرة الأولى التی تمکنت فیها روسیا من التقلیل من دور الدولار فی التجارة مع شرکائها الرئیسیین فی التصدیر. تظهر الإحصائیات التی قدمها البنک المرکزی الروسی أیضًا أن البلاد تمکنت بنجاح من القضاء على الدولار فی التجارة مع دول بریکس (BRICS) بما فی ذلک البرازیل والهند والصین وجنوب إفریقیا، والتی تعد الشرکاء التجاریین الرئیسیین لروسیا.
کما تمکنت روسیا من زیادة دور الیورو بشکل کبیر فی التجارة مع الإتحاد الأوروبی. بالتوازی مع استبعاد الدولار من التجارة مع الدول الأخرى یقوم البنک المرکزی الروسی لبیع احتیاطیاته بالدولار بالمزاد وخفضها إلى أدنى مستوى له بمدة 12 عامًا. وفقًا للتوقعات، سیحل الیورو قریبًا محل الدولار فی صادرات روسیا إلى الإتحاد الأوروبی. ومع ذلک، لا تزال روسیا تعتمد على الدولار لأکثر من نصف تجارتها السنویة البالغة 687.5 ملیار دولار، وهنا تتم أقل من 5٪ من هذه الصفقات مع الولایات المتحدة نفسها.
"إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"