ثمانمائة وثمانون وثمانیة أیام من الدمار والخراب فی ساحة المعرکة الأوکرانیة  فرصة نابلیونیة للوسطاء

لا تزال الحرب والاشتباکات الشدیدة مستمرة فی منطقة دونیتسک وأجزاء من خارکیف وکوبیانسک فی أوکرانیا، لکن الوضع السائد فی ساحة المعرکة یشیر إلى استمرار العملیة الاستنزافیة وظهور التعب والیأس على القوات العسکریة.
۹ مرداد ۱۴۰۳
رویت 139

لا تزال الحرب والاشتباکات الشدیدة مستمرة فی منطقة دونیتسک وأجزاء من خارکیف وکوبیانسک فی أوکرانیا، لکن الوضع السائد فی ساحة المعرکة یشیر إلى استمرار العملیة الاستنزافیة وظهور التعب والیأس على القوات العسکریة. وبالفعل، تقترب الأطراف المتنازعة من استنتاج أن تحدید مصیر الحرب فی جغرافیا المعرکة أمر صعب للغایة أو ربما مستحیل. لذا، فی مثل هذه الظروف، أظهرت موسکو وکییف علامات جدیدة من الاهتمام بالجلوس إلى طاولة المفاوضات والوصول إلى حل سلمی، ولأول مرة، ذکر المسؤولون الروس جمهوریة إیران الإسلامیة کوسیط موثوق، بینما نشط الوسطاء الآخرون مثل الصین وترکیا والمجر کرؤساء دوری للاتحاد الأوروبی.

بدأت عملیات روسیا فی 20 فبرایر 2014 مع تدخل القوات العسکریة فی القرم، وضم شبه الجزیرة وتأجیج الحرب الانفصالیة فی دونباس، والتی توقفت مؤقتًا بسبب الاتفاق الهش والضعیف مینسک 2 فی عام 2015 بوساطة فرنسا وألمانیا. ما نراه منذ 24 فبرایر 2022 هو مجرد مرحلة جدیدة على نطاق أکبر بکثیر من حرب بوتین وهیمنة عالمیة بدأت قبل 15 عامًا، ویبدو أن عملیاته الخاصة فی أوکرانیا تتجه من التهدیدات ضد جمهوریة مولدوفا ودول أوروبیة أخرى، إلى الحدیث عن نهایة العالم النوویة والحرب العالمیة الثالثة فی جغرافیا واسعة.

فی هذه الظروف، لا یخفى على أحد أن الحرب بین روسیا وأوکرانیا قد ساعدت بشکل کبیر فی تعزیز وحدة الناتو، حیث تعتبر دول الجناح الشرقی للناتو أکثر من أی وقت مضى أن أمنها یعتمد على دور الولایات المتحدة فی إطار الناتو. کانت قمة القادة فی الذکرى الخامسة والسبعین لتأسیس المنظمة فی واشنطن فرصة جدیدة لتقییم آخر مستجدات أوکرانیا وضرورة تعزیز قوات هذه المنظمة فی المنطقة المحیطة بالبحر الأسود. لذلک، أکد قادة دول الناتو فی هذه القمة على اتحاد دول التحالف لتکییف الائتلاف مع الحقائق الجدیدة کما تم تعریفه فی المفهوم الاستراتیجی الجدید الذی تم اعتماده فی مدرید، حیث تعتبر روسیا الخطر الأکبر على الأمن الأورو-أطلسی، وأعادوا التأکید على الأولویة السیاسیة والأمنیة والأهمیة الاستراتیجیة للبحر الأسود. کما تم إحیاء آمال أوکرانیا فی الانضمام إلى الناتو والحصول على ضمانات أمنیة.

وفقًا لبیان وزارة الدفاع الروسیة، فقد تکبدت أوکرانیا حتى الآن خسائر کبیرة على النحو التالی:

إجمالاً، تم تدمیر 744 طائرة، 455 مروحیة، 13300 طائرة مسیرة، 744 نظام صواریخ دفاع جوی، 16700 دبابة ومرکبات مدرعة أخرى، 2580 مرکبة قتالیة مزودة بنظام إطلاق صواریخ متعدد، 10200 قطعة مدفعیة میدانیة، وغیرها خلال العملیات العسکریة الخاصة.

أیضًا، منذ بدء العملیة العسکریة الخاصة الروسیة فی أوکرانیا، تجاوزت خسائر الأعمال القتالیة أربعمائة وخمسین ألف جندی، وهذه الأرقام لا تشمل الجرحى والمرتزقة الأجانب الذین تم نقلهم إلى مستشفیات أوکرانیا وخارجها، وکذلک الجنود الذین قُتلوا نتیجة الهجمات بأسلحة دقیقة بعیدة المدى فی المناطق الخلفیة. فی الوقت نفسه، تعترف وسائل الإعلام الغربیة بأن عدد الجنود الأوکرانیین القتلى یمثل معلومات غیر مریحة لفولودیمیر زیلینسکی، رئیس أوکرانیا. کتب مریادک رافری فی مقال له: "لا یزال عدد القتلى أسوأ سر مخفی للرئیس فولودیمیر زیلینسکی، على الرغم من أنه بناءً على جمیع البیانات الخارجیة، لا شک أن عدد القتلى والجرحى قد ارتفع بشکل کبیر منذ نهایة الصیف."

من جهة أخرى، ووفقًا للإعلان الرسمی من الجانب الأوکرانی، فإن خسائر الجیش الروسی هی کما یلی:

إجمالاً، 363 طائرة، 326 مروحیة، 17900 طائرة مسیرة، 903 أنظمة صواریخ للدفاع الجوی، 8300 دبابة ومرکبات مدرعة أخرى، 16000 مرکبة قتالیة مزودة بنظام MLRS، 17000 مدفع میدانی وقذائف هاون؛ 29 سفینة حربیة، 2400 صاروخ، 21300 مرکبة عسکریة تم تدمیرها، وأکثر من 570000 شخص قُتلوا أو جُرحوا.

الحقیقة أن هذا الصراع قد بدأ بتفاؤل من موسکو وکییف دون الأخذ بعین الاعتبار عواقبه الوخیمة، وتحوّل الیوم إلى بؤرة للاختبار القوی بین المحور الأطلسی وروسیا. وقد استغلّت بعض القوى والدول المختلفة مثل الولایات المتحدة وبریطانیا والصین والهند وترکیا وبعض الدول العربیة وغیرها هذه الأزمة لتحقیق مصالحها، وذلک من خلال تلبیة احتیاجات روسیا الخاضعة للعقوبات، وشراء الطاقة بأسعار منخفضة، وخاصة بیع الأسلحة للأطراف المتنازعة. فی ظل هذه الظروف، یجب الاعتراف بأن الطرفین یبدیان رغبة ملحوظة فی اللجوء إلى طاولة المفاوضات مع استنزاف أکبر حرب فی الألفیة الثالثة، على الرغم من أن التوقعات والآمال بین الطرفین لا تزال بعیدة عن التوصل إلى حل مرضٍ للطرفین. والکلمة الأخیرة هی أن کلا من موسکو وکییف تتابعان انتخابات الرئاسة الأمریکیة ببالغ الاهتمام، وتریان أن فوز ترامب سیکون له دور مهم فی تحدید مصیر الصراع وإنهائه.

علی بمان اقبالی زارج، رئیس مجموعة دراسات أوراسیا

 "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است