من تقارب الصین مع 1 + 17 إلى المنافسة الشدیدة مع الولایات المتحدة والإتحاد الأوروبی وروسیا

قبل عام واحد، تزامناً مع انتشار فیروس کوفید ۱۹ فی جمیع أنحاء العالم، أصبحت الصین مصدرًا رئیسیًا للإمدادات الطبیة العالمیة الرئیسیة مثل أقنعة الوجه والمطهرات. ووفقًا لمکتب التحقیقات التابع للأمم المتحدة عام ۲۰۲۰، جاءت ۴۴٪ من صادرات أقنعة الوجه العالمیة فی عام ۲۰۲۰ من الصین، تلیها أکبر المصدرین ألمانیا (۷٪) والولایات المتحدة (۶٪). نظرًا لتاریخ الصین فی استخدام التجارة لتحقیق أهداف سیاستها الخارجیة، یُعرف التبرع بمعدات بکین الطبیة لدول أخرى بالدبلوماسیة المقنّعة لأنّ المسؤولین والسیاسیین فی العدید من دول الإتحاد الأوروبی والقارة الوسطى وشرق القارة الخضراء قد جربوها، وینظر إلیها على أنها حملة لشراء النفوذ الصینی الذی یسعى إلى تقسیم الاتحاد الأوروبی. سیناریو مماثل یحدث الیوم تحت الکلمة الرئیسیة السحریة الجدیدة "ل
19 رجب 1442
رویت 897
علی‏ بمان اقبالی زارتش

 قبل عام واحد، تزامناً مع انتشار فیروس کوفید 19 فی جمیع أنحاء العالم، أصبحت الصین مصدرًا رئیسیًا للإمدادات الطبیة العالمیة الرئیسیة مثل أقنعة الوجه والمطهرات. ووفقًا لمکتب التحقیقات التابع للأمم المتحدة عام 2020، جاءت 44٪ من صادرات أقنعة الوجه العالمیة فی عام 2020 من الصین، تلیها أکبر المصدرین ألمانیا (7٪) والولایات المتحدة (6٪). نظرًا لتاریخ الصین فی استخدام التجارة لتحقیق أهداف سیاستها الخارجیة، یُعرف التبرع بمعدات بکین الطبیة لدول أخرى بالدبلوماسیة المقنّعة لأنّ المسؤولین والسیاسیین فی العدید من دول الإتحاد الأوروبی والقارة الوسطى وشرق القارة الخضراء قد جربوها، وینظر إلیها على أنها حملة لشراء النفوذ الصینی الذی یسعى إلى تقسیم الاتحاد الأوروبی. سیناریو مماثل یحدث الیوم تحت الکلمة الرئیسیة السحریة الجدیدة "لقاح".

کانت المجر هی الدولة العضو الوحیدة فی الإتحاد الأوروبی التی قرّرت عدم انتظار الموافقة على اللقاح من قبل وکالة الأدویة الأوروبیة وبدء المفاوضات بشأن لقاح COVID من الصین وروسیا. فی مایو الماضی، قال الرئیس شی جین بینغ إن الصین ترید استخدام اللقاح لتعزیز مکانتها فی العالم. یعد "طریق الحریر الصحی" أحد أهم أولویات بکین فی عام 2021، إلى جانب الفوز بسباق لقاح Quid 19. یتوقع الرئیس شی جین بینغ أیضًا توفیر اللقاح الصینی عبر الإنترنت للمشارکین فی 17 + 1 فی 8 فبرایر 2021. بشکل عام، فإن السؤال الرئیسی فی علاقات الصین مع دول وسط وشرق أوروبا یقع فی قضیتین:

  • ما هی أهم أداة لتوسیع نفوذ الصین فی المنطقة؟
  • هل استمرار تحرکات بکین یعنی اشتداد المنافسة بین القوى العظمى فی هذه المنطقة؟

تستغل بکین الإجتماع مع 17 دولة من وسط وشرق أوروبا لمواجهة لوائح الإتحاد الأوروبی وتستفید من التوترات المتزایدة بین أوروبا الشرقیة والغربیة. تُظهر قدرة الصین على تمویل تشیید الطرق والسکک الحدیدیة ومحطات الطاقة والبنیة التحتیة الأخرى على نطاق واسع فی بعض البلدان الأفقر فی وسط وشرق أوروبا أن بکین تستهدف محاور احتیاجاتها. حضر الاجتماع الأخیر 16 دولة من أوروبا الوسطى والشرقیة، بما فی ذلک المجر وبلغاریا ورومانیا وبولندا وصربیا والبوسنة والهرسک وکرواتیا وسلوفینیا وسلوفاکیا وألبانیا ومقدونیا والجبل الأسود وجمهوریة التشیک ولیتوانیا ولاتفیا وإستونیا. من الواضح أن الصین لدیها تعاون جید للغایة وناجح مع هذه الدول وتحاول زیادة هذا التعاون.

تُظهر الإحصاءات أن الشرکات الصینیة، بدعم من البنوک المملوکة للدولة منذ عام 2012، إستثمرت حوالی 15 ملیار دولار فی البنیة التحتیة والصناعات ذات الصلة فی وسط وشرق أوروبا. ووفقًا لمرکز الدراسات الاستراتیجیة والدولیة، تتمتع صربیا بشراکة کبیرة مع الصین ومن المتوقع أن تستثمر حوالی 1.9 ملیار دولار فی البنیة التحتیة الصینیة. فی المجر، هناک ثقة متبادلة بین بودابست وبکین، والصین ملتزمة باستثمار 1.5 ملیار دولار فی البلاد.

کما وقّعت جمهوریة التشیک إتفاقیة مع بکین تبلغ قیمتها حوالی 3 ملیارات دولار، والتی بحسب رئیس هذا البلد إنها بوابة لدخول الصین إلى الإتحاد الأوروبی. کما أن هناک علاقات جیدة جدًا وشاملة بین بکین ووارسو، بحیث نما حجم التجارة بین الجانبین فی السنوات العشر الماضیة بشکل مطرد بنسبة 10٪ وبحلول نهایة عام 2019 وصل إلى أکثر من 25 ملیار دولار. بالإضافة إلى ذلک، تمت إقامة تعاون بین 36 مقاطعة فی البلدین و 1500 طالب صینی یدرسون فی بولندا و 1400 طالب بولندی فی الصین، وفی عام 2017، زار أکثر من 180 ألف سائح صینی البلاد.

ومن المقرر عقد قمة 17 + 1 التاسعة بین الصین ودول وسط وشرق أوروبا، والتی کان من المفترض أن تعقد منذ النصف الأول من عام 2020  قبل تفشی وباء کورونا وتم تأجیلها، على أن یُعقد على  الإنترنت فی 8 فبرایر 2021 لکسر الجمود فی الإجتماع وظهور بوادر جدیدة على تعزیز العلاقات بین الصین وشرق ووسط أوروبا. بشکل عام، الهدف الرئیسی للصین هو تحقیق الإستثمار العالمی فی التجارة.

حالیًا، طرق التجارة فی البحر بشکل أساسی وتدعمها الولایات المتحدة. من خلال القیام بذلک، تحاول بکین تحقیق طریق تجاری بری بدیل إلى أوروبا وآسیا وحتى إفریقیا، یُعرف باسم "طریق الحریر" أو "مبادرة الحزام والطریق"؛ قد یکون هذا هو المفتاح لتحقیق الهیمنة العالمیة للصین، وبالتالی السیطرة على منطقة شاسعة من أوراسیا، أو بعبارة أخرى، المنطقة الوسطى من العالم.

بدأ التعاون عبر الإقلیمی‌بین الصین وأوروبا الشرقیة، ما یسمى بمبادرة "17 + 1"، فی بولندا فی أبریل 2012 ، حیث التقى رئیس الوزراء الصینی ون جیاباو وممثلو 16 دولة من وسط أوروبا، بما فی ذلک 11 دولة عضو فی الإتحاد الأوروبی. ووعد ون بالإستثمار وتطویر البنیة التحتیة لتقویة الإقتصاد الإقلیمی. تؤکًد الصین إرتباطها بأوروبا وتعتبر السکک الحدیدیة والموانئ والإستثمار الأجنبی المباشر أساسًا لتحقیق التنمیة المتوازنة والتماسک الإجتماعی فی أوروبا. عندما انضمت الیونان بصفتها العضو السابع عشر فی عام 2019، إزدادت الأهمیة السیاسیة لتحالف 1 + 17 أکثر. نمت التجارة والإستثمار فی علاقات الصین مع أوروبا بشکل کبیر خلال العقد الماضی. على سبیل المثال، یبلغ إجمالی استثمارات الصین فی بریطانیا وألمانیا وإیطالیا وفرنسا حالیًا أکثر من 100 ملیار یورو، حیث تصل إلى 8 ملیار یورو فی أوروبا الشرقیة، وأبرزها 1.2 ملیار یورو فی رومانیا (5.4٪ من الإجمالی)، و 2.5 ملیار یورو فی المجر و 1.5 ملیار فی بولندا.

على الرغم من أن جهود الصین لتوسیع نفوذها فی المنطقة لها تاریخ طویل، فقد شرعت البلاد فی جهود مکثفة خلال العقد الماضی لتوسیع حدود نفوذها فی أوروبا الشرقیة، وهذا مصدر قلق لأوروبا الغربیة. فی عواصم الدول الأوروبیة الکبرى، هناک مخاوف من أن بکین تستغل هذه الفرصة لإحداث صدع فی الإتحاد الأوروبی وجذب دول أوروبا الشرقیة. یعتقد الأوروبیون أن بکین وموسکو وواشنطن وحتى أنقرة تسعى إلى تحقیق أهداف سیاسیة واستراتیجیة محددة من خلال اتباع سیاسة التأثیر التی یمکن أن تشکل تحدیات لا یمکن التنبؤ بها على الإتحاد الأوروبی فی المستقبل، وکذلک اعتماد أوروبا الشرقیة على اقتصاد الشرق الأقصى فی الممارسة العملیةإلى تعریض التماسک المستقبلی للقارة الأوروبیة للخطر وهذا یؤدی إلى التناقضات والتجزئة فی سیاسات الدول الأوروبیة.

على الرغم من أن ترکیا وروسیا کانتا قوتین مؤثرتین وفاعلین فی وسط وشرق أوروبا، منذ بدایة القرن الحادی والعشرین، دخلت الصین المنطقة بطریقة قویة وکاملة، إلى جانب السلوک السلبی للإتحاد الأوروبی. لذلک یمکننا فی جملة واحدة أن نقول إن أسلوب التمثیل فی المنطقة الإستراتیجیة لأوروبا الوسطى والشرقیة یمکن تلخیصه فی الأشکال التالیة: الإتحاد الأوروبی مع شعار التوسع نحو الشرق؛ روسیا بأدوات الطاقة والمواد الخام؛ ترکیا بالقوة الناعمة والبنیة التحتیة؛ الصین مع الإقتصاد والإستثمار؛ والولایات المتحدة بأدوات الأمن والدفاع.

علی اقبالى زارتش، خبیر أول فی الدراسات الأوروبیة

        "إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است