الدور الأساسی للتعاون الدولی فی دعم اللاجئین الأفغان

نادرًا ما یکون المهاجرون واللاجئون، بصفتهم أولئک الذین عبروا الحدود الدولیة هربًا من الصراع وانتهاکات حقوق الإنسان، مرکز الإهتمام فی مجال العلاقات الدولیة.
4 صفر 1442
رویت 1534
سید احمد موسوی

 نادرًا ما یکون المهاجرون واللاجئون، بصفتهم أولئک الذین عبروا الحدود الدولیة هربًا من الصراع وانتهاکات حقوق الإنسان، مرکز الإهتمام فی مجال العلاقات الدولیة. إنّ قضیّة حمایة اللاجئین هی فی جوهرها قضیة سیاسیة تتعلق بالجوانب الداخلیة للدول، وتتعلق بحقوق غیر المواطنین، وتعتبر قضیة دولیة من حیث حرکة المرور عبر الحدود والتی تشمل شعوب البلدان. الوثیقة الدولیة الأساسیة لنظام حمایة اللاجئین هی الإتفاقیة الخاصّة بوضع اللاجئین (1951) وبروتوکولها الإضافی الملحق (إتّفاقیة اللاجئین لعام 1967). تحتوی هذه الإتّفاقیة وبروتوکولها الإضافی الملحق على عنصرین أساسیین:

  1. تطبیق شروط اللجوء والتعریف الدولی للاجئ من منظور القانون الدولی
  2. مبدأ الإبعاد غیر القسری للاّجئین

فی عالم الیوم، حیث أدّت الظروف القسریة على المستوى الدولی إلى تهدید موائل الناس وأجبرتهم على الهجرة بالملایین، ممارسة الضغط على بلدان منشأ اللاجئین لتطبیق مبدأ عدم الإکراه المنصوص علیه فی الوثیقة الدولیة المذکورة أعلاه ، فإنّه یفرض مهمة صعبة على هذه البلدان بدون تعاون دولی جماعی. من ناحیة أخرى، فإن تطبیق شروط اللجوء فی الإتّفاقیة المذکورة أعلاه له أیضًا معنىَ متناقض. أعلنت الولایات المتحدة، على سبیل المثال، رسمیًا إنهاء الحرب فی أفغانستان فی عام 2014 ، على الرغم من بقاء معظم الأفغان فی إیران فی ظل ظروف الحمائیة.

نقطة أخرى مهمّة تثار فی العلاقات الدولیة فی إطار قضیة اللاجئین المرحّلین إلى دول أخرى هی حصیلة القضایا الأمنیة فی بلد اللجوء ودور المنظّمات الدولیة المتعلقة بهذه القضیة، ونقطة أخرى هی دور المنظّمات الدولیة فیما یتعلق بهذا الموضوع. من بین المنظمات الدولیة ذات الصلة، تعد مفوضیة الأمم المتحدة السامیة لشؤون اللاجئین (UNHCR) أکبر منظّمة عالمیة لحمایة اللاجئین یبلغ عدد موظفیها 5000 وتبلغ میزانیتها حوالی ملیار دولار وهی تلعب دورًا داعمًا فی جمیع أنحاء العالم.  

ووفقًا للمادة 78 من قانون حقوق اللاجئین الأوروبی (TFEU)، فهی مسؤولة عن حمایة اتفاقیة اللاجئین لعام 1951. لکن القضیة المهمّة للغایة التی عادةً ما یتم تجاهلها فی هذه المناقشات هی قضیة التعاون الدولی والنظام العالمی الذی جعل من الممکن ضمان حمایة اللاجئین المُرحّلین إلى البلدان المستهدفة بطریقة موثوقة، ولا تضع عبء الإستضافة على عاتق الدول المجاورة فقط وفی متناولها. على الرغم من الفوائد التی تجعل التعاون الدولی على نطاق أوسع أمراً لا مفر منه، إلا أن تفاصیل هذا التعاون لا تنعکس جیدًا فی الإتفاقیات والنظام التاریخی لحمایة اللاجئین والمهاجرین.

إنّ احتلال الإتّحاد السوفیتی لأفغانستان خلال الحرب الباردة ثم الولایات المتحدة، وفقًا لبعض الکتّاب، یستحضر صورة حرب لا نهایة لها. وکانت موجة اللاجئین فی هذه الحروب تتزاید دائماً وأکبر الضغوط بسبب النازحین نتیجة هذه الإحتلالات التی قد وُضعت على جیران أفغانستان، وخاصة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة. فی منتصف السبعینیات، مع بدایة الصراع السیاسی فی أفغانستان، فتحت إیران حدودها للاجئین الأفغان، وتُعتبر هذه الخطوة أساساً لکسب دعم اللاجئین الأفغان فی إیران. أدّى عدم الإستقرار والصراع الدائم فی أفغانستان فی نهایة المطاف إلى احتلال الإتحاد السوفیتی للبلاد فی عام 1979، والذی تزامن مع انتصار الثورة الإسلامیة فی إیران. وفقًا لقیم الثورة الإسلامیة، یُعد قبول ودعم اللاجئین الأفغان فی إیران کأخوة إسلامیین صورة دینیة تسمح للمهاجرین وطالبی اللجوء بالإقامة دون قیود. ومع ذلک، بعد عام 1992، مع الظهور التدریجی للمشکلات الإقتصادیة والإجتماعیة وعدوان صدام حسین والإعتبارات الأمنیة، تحولت البلاد تدریجیاً إلى تقیید قبول اللاجئین الجدد من أفغانستان . فی السنوات الأخیرة، أدّى إحتلال الولایات المتحدة الأمریکیة لأفغانستان، ثم الحرب وانعدام الأمن، إلى زیادة الفقر وخلق موجة من الهجرة واللجوء للمواطنین الأفغان إلى الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة. بحسب الأمم المتحدة؛ إرتفع مُعدّل الفقر فی أفغانستان من 36٪ فی عام 2012 إلى 55٪ حالیاً، ووفقاً لمؤشر التّنمیة البشریة للأمم المتحدة، تحتل أفغانستان حالیاً المرتبة 169 من بین 189 دولة وهی من بین أدنى الفئات.

وصلت مشکلة اللجوء فی أفغانستان إلى نُقطة أصبح فیها واحد من کل تسعة من طالبی اللجوء فی جمیع أنحاء العالم من أفغانستان. وتُعد الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أحد المضیفین الرئیسیین لهذا العدد الکبیر من اللاجئین الأفغان. وفقًا للمفوضیة السامیة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئین، فإنّ 11 بالمائة من جمیع اللاجئین فی جمیع أنحاء العالم هم من الرعایا الأفغان. ووفقاً لهذه الإحصاءات، استقرّ 40٪ من هؤلاء السّکان فی جمهوریة إیران الإسلامیة. وکالة الأمم المتحدة للاجئین؛ یُقدّر عدد اللاجئین الأفغان فی إیران بنحو 3 ملایین، منهم حوالی ملیون فقط مسجّلون.

 

الحق فی الحصول على السکن والمرافق:

وفقًا للبنک الدولی فی عام 2011، یبلغ مؤشر الحصول على سکن ثابت للاجئین الأفغان فی إیران 98٪، بینما انخفض المؤشّر نفسه إلى 35٪ للمواطنین الأفغان الّذین عادوا إلى بلادهم من إیران. تظهر الإحصائیات أیضًا أنّ اللاجئین الأفغان فی إیران یحصلون على الکهرباء بنسبة 99 بالمائة و 98 بالمائة من میاه الصنبور.

تشمل النّقاط البارزة الأخرى للقوانین المتعلّقة بالمهاجرین، بما فی ذلک تلک الخاصّة بالمهاجرین الأفغان فی السنوات الأخیرة، خطّة النظام الصحی الإیرانی الجدیدة، التی توفّر العلاج المجانی للاجئین الأفغان. تغطّی هذه الخطة حسب مذکرة التفاهم بین هیئة التأمین الصّحی الإیرانیة، والمدیریة العامة للمواطنین والمهاجرین الأجانب بوزارة الداخلیة الإیرانیة والمفوضیة السامیة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئین، جمیع الرعایا الأجانب والمهاجرین الذین قدّمتهم وزارة الداخلیة الإیرانیة والذین لدیهم بطاقة لجوء أو بطاقة هویة صالحة للتأمین الصحی.

 

الحق فی التعلیم:

فیما یتعلق بالحق فی التعلیم، وهو أحد الحقوق الدولیة الأساسیة، أصدر المرشد الأعلى مرسومًا یطالب المدارس فی جمیع أنحاء البلاد بتسجیل جمیع الأطفال الأفغان فی المدارس الإیرانیة، بمن فیهم أطفال المهاجرین الشرعیین وحتى غیر الشرعیین. فی هذا الصدد، دعمت المفوضیة السامیة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئین هذا الإجراء الذی اتخذته الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة وأعلنت أنه بحلول نهایة عام 2018، تمّ تسجیل 89٪ من اللاجئین فی سن المدرسة فی مدارس داخل إیران.

بدون أدنى شک أثّر التصعید الأخیر للعقوبات الأمریکیة، ما یسمّى بـ"الضغط الأقصى" على حیاة المواطنین وغیر المواطنین الذین یعیشون فی الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، على عملیة استضافة اللاجئین الأفغان فی إیران؛ وعلى الرغم من الإحصاءات المنشورة، إلا أنّها تؤکّد المستوى المعیشی اللائق للاجئین والنازحین الأفغان فی الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی السنوات الأخیرة. من الواضح للجمیع أنّ اقتصاد المعیشة فی إیران له هیکل الدعم الحکومی، ویستفید اللاجئون وطالبوا اللجوء الأفغان أیضًا من قدر کبیر من دعم الوقود والطاقة فی إیران . تُقر المفوضیة السامیة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئین (UNHCR) أنّ الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة هی المضیف لواحد من أکبر مجموعات اللاجئین وأکثرها دعمًا فی العالم . فی الوقت نفسه، عانت المفوضیة دائمًا من نقص التمویل لدورها الداعم فی إیران، وفی عام 2014 تلقت 28 ملیون دولار فقط من المبلغ المطلوب البالغ 64.8 ملیون دولار؛ فی حین أنّ ترکیا، وهی جارة أخرى لإیران، تلقّت منحة سخیة بقیمة ستة ملیارات یورو من الإتّحاد الأوروبی (أکثر من ستة أضعاف میزانیة المفوضیة السامیة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئین) للعب دور داعم للاجئین فی ذلک البلد.

لعب التعاون الدولی دورًا مهمًا فی نظام اللاجئین العالمی وهی قضیة مهملة فی العلاقات الدولیة. تُبذل الآن جهود، خاصة بین الدول الأوروبیة، لممارسة المسؤولیة المشترکة والعادلة لقضیة اللاجئین، وقد تمّ تسلیط الضوء على طبیعة هذا التعاون والمشاکل الناجمة عن إهماله فی نظام اللاجئین التاریخی على الساحة الدولیة. یُقر الإتّحاد الأوروبی الآن بالحاجة إلى تعاون فعال مع الدول غیر الأعضاء فی الإتحاد الأوروبی من أجل إدارة الهجرة واللجوء بشکل فعال على المستوى الدولی والتصدی للتحدیات الأمنیة القائمة.

إنّ التوزیع غیر العادل لمنشآت حمایة اللاجئین حول العالم، نظرًا للخصائص السیاسیة والدولیة لظاهرة اللجوء والهجرة عبر الحدود، یؤثّر فی النهایة على المجتمع الدولی بأسره ویتطلب رؤیة تأخذ فی الإعتبار المصالح الجماعیة الأوسع على المستوى الدولی؛ خاصّة فی حالة أفغانستان، حیث استمرت الحرب وانعدام الأمن، یجب إنشاء نظام عالمی للتعاون الدولی فی حمایة اللاجئین من قبل مؤسسات الأمم المتحدة ودعم دولاً مثل الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة التی تتعرّض لضغوط کبیرة لحمایة حقوق اللاجئین.

"إن المعلومات والآراء الواردة تمثل آراء المؤلفین ولا تعکس وجهة نظر مرکز الدراسات السیاسیة والدولیة"

متن دیدگاه
نظرات کاربران
تاکنون نظری ثبت نشده است